﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ ﴾ أي : نتفضل :﴿ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾ أي : يقتدى بهم في الدين بعد أن كانوا أتباعاً مسخرين :﴿ وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ أي : لملك عدوّهم. كما قال تعالى :﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ﴾ إلى قوله :﴿ يَعْرِشُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٣٧ ]، ﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ أي : بالتصرف فيها تصرف الملوك :﴿ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ ﴾ أي : من ألئك المستضعفين :﴿ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ أي : من هلاكهم وذهاب ملكهم، جزاء إفسادهم وعدم إصلاحهم وطغيانهم :﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى ﴾ أي : إثر ولادته في تلك الشدّة :﴿ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ ﴾ أي : من أولئك الدباحين الذين بأيديهم الشفار المرهفة العاملة في تلك الأنفس الزكية :﴿ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾ أي : في البحر، وهو النيل :﴿ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾ أي : في هلاكهم على يديه.
قال أبو السعود : واللام لام العاقبة. أبرز مدخولها في معرض العلة، لالتقاطهم. تشبيهاً له في الترتب عليه، بالغرض الحامل عليه :﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴾ أي : مجرمين فعاقبهم الله بأن ربّى عدوّهم، ومَنْ هو سبب هلاكهم، على أيديهم.
القول في تأويل قوله تعالى :