قال الزمخشري : الجبار الذي يفعل ما يريد من الضرب والقتل بظلم، لا ينظر في العواقب ولا يدفع بالتي هي أحسن ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى ﴾ أي : يسرع لفرط حبه لموسى :﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ ﴾ أي : يتشاورون بسببك :﴿ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ ﴾ أي : من حدّ مملكتهم :﴿ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ ﴾ أي : لحوق الطالبين :﴿ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَلَمَّا تَوَجَّهَ ﴾ أي : جعل وجهه :﴿ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ أي : فلا يلحقني فيه الطالبون :﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً ﴾ أي : جماعة كثيفة :﴿ مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ﴾ أي : مواشيهم :﴿ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ﴾ أي : تمنعان مواشيهما عن الماء، لوجود من هو أقوى منهما عنده، فلا تتمكنان من السقي :﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ﴾ أي : ما شأنكما في الذود :﴿ قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ﴾ أي : عاداتنا أن لا نسقي حتى يصرف الرعاة مواشيهم عن الماء، عجزاً عن مساجلتهم، وحذراً من مخالطة الرجال :﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ أي : فيعجز عن الخروج والسقي. أي : ما لنا رجل يقوم بذلك إلا هو، وقد أضعفه الكبر، فاضطرنا الحال إلى ما ترى.
القول في تأويل قوله تعالى :
﴿ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [ ٢٤ - ٢٥ ].


الصفحة التالية
Icon