التفسير : ذهب بعض المفسرين إلى أن موسى خرج وما قصد مدين ولكنه سلم نفسه إلى الله تعالى وأخذ يمشي من غير معرفة طريق فأوصله الله إلى مدين. وقد يؤيد هذا التفسير ما روي عن ابن عباس أنه خرج وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه، ويحتمل أن يكون معنى قول ابن عباس أنه لما خرج قصد مدين لأنه وقع في نفسه أن بينه وبينهم قرابة لأنهم من ولد مدين بن إبراهيم وهو كان من بني إسرائيل لكن لم يكن له علم بالطريق بل اعتمد على فضل الله تعالى. أما أنه قصد مدين فلقوله سبحانه ﴿ ولما توجه تلقاء مدين ﴾ اي قصد نحو هذه القرية ولم تكن في سلطان فرعون وبينها وبين مصر مسيرة ثمان. وأما أنه اعتمد على فضل الله فلقوله. ﴿ عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ﴾ أي وسطه وجادّته نظيره قول جده إبراهيم عليه السلام ﴿ إني ذاهب إلى ربي سيهدين ﴾ [ الصافات : ٩٩ ] وكذا الخلف الصدق يقتدي بالسلف الصالح فيهتدي. قال السدي : لما أخذ في المسير جاءه ملك على فرس فسجد له موسى من الفرح فقال : لا تفعل واتبعني فاتبعه نحو مدين. عن ابن جريج أنه خرج بغير زاد ولا ظهر ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر. ﴿ ولما ورد ماء مدين ﴾ وكان بئراً فيما روي وورود الماء مجيئه والوصول إليه ضدّ الصدور. ﴿ وجد عليه ﴾ اي على شفيره ومستقاه ﴿ أمة من الناس ﴾ جماعة كثيرة العدد أصنافاً ﴿ يسقون ﴾ مواشيهم ﴿ ووجد من دونهم ﴾ اي في مكان اسفل من مكانهم ﴿ امرأتين تذودان ﴾ أي تدفعان وتطردان أغنامهما لأن على الماء من هو أقوى منهما فلم يتمكنا من السقي، وكانتا تكرهان المزاحمة على الماء واختلاط أغنامهما بأغنامهم أو اختلاطهما بالرجال. وقيل : تذودان الناس عن غنمهما. وقيل : تذودان عن وجوههما نظر الناظر. وبالجملة حذف مفعول ﴿ تذودان ﴾ لأن الغرض تقرير الذود لا المذود. وكذا في ﴿ يسقون ﴾ و ﴿ لا نسقي ﴾ المقصود هو ذكر السقي لا المسقي، وكذا في قراءة من قرأ ﴿ حتى يصدر ﴾ من لاإصدار أي حتى يصدر


الصفحة التالية
Icon