وقال الآلوسى :
﴿ قَالَ رَبّ إِنّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ ﴾
لذلك ﴿ أَن يَقْتُلُونِ ﴾ بمقابلتها، والمراد بهذا الخبر طلب الحفظ والتأييد لإبلاغ الرسالة على أكمل وجه لا الاستعفاء من الإرسال، وزعمت اليهود أنه عليه السلام استعفى ربه سبحانه من ذلك.
وفي التوراة التي بأيديهم اليوم أنه قال يا رب ابعث من أنت باعثه وأكد طلب التأييد بقوله :
﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا ﴾
أي عوناً كما روي عن قتادة وإليه ذهب أبو عبيدة وقال : يقال ردأته على عدوه أعنت.
وقال أبو حيان : الردء المعين الذي يشتد به الأمر فعل بمعنى مفعول فهو اسم لما يعان به كما أن الدفء اسم لما يتدفأ به قال سلامة بن جندل :
وردئي كل أبيض مشرفي...
شديد الحد عضب ذي فلول
ويقال : ردأت الحائط أردؤه إذا دعمته بخشبة لئلا يسقط.
وفي قوله :﴿ أَفْصَحُ مِنّى ﴾ دلالة على أن فيه عليه السلام فصاحة ولكن فصاحة أخيه أزيد من فصاحته، وقرأ أبو جعفر.
ونافع.
والمدنيان رداً بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال.
والمشهور عن أبي جعفر أنه قرأ بالنقل ولا همز ولا تنوين.
ووجهه أنه أجرى الوصل مجرى الوقف.
وجوز في رداً على قراءة التخفيف كونه منقوصاً بمعنى زيادة من رديت عليه إذا زدت ﴿ يُصَدّقُنِى ﴾ أي يلخص بلسانه الحق ويبسط القول فيه ويجادل به الكفار، فالتصديق مجاز عن التلخيص المذكور الجالب للتصديق لأنه كالشاهد لقوله، وإسناده إلى هارون حقيقة، ويرشد إلى ذلك وأخي هارون الخ لأن فضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لمثل ما ذكر لا لقوله صدقت أو أخي موسى صادق فإن سحبان وباقلا فيه سواء، أو يصل جناح كلامي بالبيان حتى يصدقني القوم الذين أخاف تكذيبهم فالتصديق على حقيقته وإنما أسند إلى هارون عليه السلام لأنه ببيانه جلب تصديق القوم، ويؤيد هذا قوله :﴿ إِنّى أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ ﴾ لدلالته على أن التصديق على الحقيقة.


الصفحة التالية
Icon