وقال أبو السعود :
﴿ فَلَمَّا جَاءهُم موسى بآياتنا بينات ﴾
أي واضحات الدِّلالةِ على صحَّةِ رسالةِ مُوسى عليه السَّلام منه تعالى، والمرادُ بها العَصَا واليدُ إذ هُما اللتانِ أظهرَهُما مُوسى عليه السَّلام إذْ ذاكَ، والتَّعبيرُ عنْهمَا بصيغةِ الجمعِ قد مرَّ سرُّه في سورةِ طه. ﴿ قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى ﴾ أي سحرٌ مختلقٌ لم يُفعل قبلَ هذا مثلُه أو سحرٌ تعمله ثم تفتريهِ على الله تعالى أو سحرٌ موصوفٌ بالافتراءِ كسائرِ أصنافِ السِّحِر ﴿ وَمَا سَمِعْنَا بهذا ﴾ أي السِّحرِ أو ادعاءِ النُّبوةِ ﴿ في آبائنا الأولين ﴾ أي واقعاً في أيَّامِهم.
﴿ وَقَالَ موسى رَبّى أَعْلَمُ بِمَن جَاء بالهدى مِنْ عِندِهِ ﴾ يريدُ به نفسَه. وقُرىء قالَ بغيرِ واوٍ لأنَّه جوابٌ عن مقالِهم. ووجهُ العطفِ أنَّ المرادَ حكايةُ القولينِ ليوازنَ السَّامعُ بينهما فيميِّز صحيحَهما من الفاسدِ ﴿ وَمَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار ﴾ أي العاقبةُ المحمودُة في الدَّارِ وهي الدُّنيا، وعاقبتُها الأصليةُ هي الجَّنة لأنَّها خُلقتْ مجازاً إلى الآخرةِ ومزرعة لها والمقصودُ بالذاتِ منها الثَّوابُ، وأمَّا العقابُ فمن نتائجِ أعمالِ العُصاةِ وسيئاتِ الغُواة. وقُرىء يكونُ بالياءِ التحتانيَّةِ ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون ﴾ أي لا يفوزونَ بمطلوبٍ ولا ينجون عن محذُورٍ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon