وفي قوله :﴿ ومن تكون له عاقبة الدار ﴾ تفويض إلى ما سيظهر من نصر أحد الفريقين على الآخر وهو تعريض بالوعيد بسوء عاقبتهم.
و﴿ عاقبة الدار ﴾ كلمة جرت مجرى المثل في خاتمة الخير بعد المشقة تشبيهاً لعامل العمل بالسائر المنتجع إذا صادف دار خصب واستقرّ بها وقال الحمد لله الذي أحلّنا دار المُقامة من فضله.
فأصل عاقبة الدار : الدار العاقبة.
فأضيفت الصفة إلى موصوفها.
والعاقبة : هي الحالة العاقبة، أي التي تعقب، أي تجيء عقب غيرها، فيؤذن هذا اللفظ بتبدل حال إلى ما هو خير، فلذلك لا تطلق إلا على العاقبة المحمودة.
وقد تقدم في سورة [ الأنعام : ١٣٥ ] قوله ﴿ فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار ﴾ وفي سورة [ الرعد : ٢٢ ] قوله ﴿ أولئك لهم عقبى الدار ﴾ وقوله ﴿ وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار ﴾ [ الرعد : ٤٢ ].
وقرأ الجمهور ﴿ تكون ﴾ بالمثناة الفوقية على أصل تأنيث لفظ ﴿ عاقبة الدار ﴾ وقرأ حمزة والكسائي بالتحتية على الخيار في فعل الفاعل المجازيّ التأنيث.
وأيد ذلك كله بجملة ﴿ إنه لا يفلح الظالمون ﴾، دلالة على ثقته بأنه على الحق وذلك يفُتّ من أعضادهم، ويلقي رعب الشك في النجاة في قلوبهم.
وضمير ﴿ إنه ﴾ ضمير الشأن لأن الجملة بعده ذات معنى له شأن وخطر. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon