وعجل دمارهم، وكشف هذا المعنى بقوله :﴿يدعون﴾ أي يوجدون الدعاء لمن اغتر بحالهم، فضل ضلالهم ﴿إلى النار﴾ أي وجعلنا لهم أعواناً ينصرونهم عكس ما أردنا لبني إسرائيل - كما سلف أول السورة - وجعلناهم موروثين.
ولما كان الغالب من حال الأئمة النصرة، وكان قد أخبر عن خذلانهم في الدنيا، قال :﴿ويوم القيامة﴾ أي الذي هو يوم التغابن ﴿لا ينصرون﴾ أي لا يكون لهم نوع نصرة أصلاً كما كانوا يوم هلاكهم في الدنيا سواء، ولا هم أئمة ولا لهم دعوة، يخلدون في العذاب، ويكون لهم سوء المآب.
ولما أخبر عن هذا الحال، أخبر عن ثمرته ؛ فقال في مظهر العظمة، لأن السياق لبيان علو فرعون وآله، وأنهم مع ذلك طوع المشيئة ﴿وأتبعناهم في هذه﴾ ولما كان المراد الإطناب في بيان ملكهم، فسر اسم الإشارة فقال :﴿الدنيا﴾ ولم يقل : الحياة، لأن السياق لتحقير أمرهم ودناءة شأنهم ﴿لعنة﴾ أي طرداً وبعداً عن جنابنا ودفعاً لهم بذلك ودعاء عليهم بذلك من كل من سمع خبرهم بلسانه إن خالفهم، أو بفعله الذي يكون عليهم مثل وزره إن والفهم ﴿ويوم القيامة هم﴾ أي خاصة، ومن شاكلهم ﴿من المقبوحين﴾ أي المبعدين أيضاً المخزيين مع قبح الوجوه والأشكال، والشناعة في الأقوال والأفعال والأحوال، من القبح الذي هو ضد الحسن، ومن قولهم : قبحت الشيء - إذا كسرته، وقبح الله العدو : أبعده عن كل خير، فيا ليت شعري أي صراحة بعد هذا في أن فرعون عدو الله، في الآخرة كما كان عدوه في الدنيا، فلعنة الله على من يقول : إنه مات مؤمناً، وإنه لا صريح في القرآن بأنه من أهل النار، وعلى كل من يشك في كفره بعد ما ارتكبه من جلي أمره. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ٤٨٩ ـ ٤٩٢﴾


الصفحة التالية
Icon