ولما أكد أمر الطلب بهارون عليهما الصلاة والسلام، أكد له سبحانه أمر الإجابة بقوله مستأنفاً :﴿قال سنشد﴾ وذكر أولى الأعضاء بمزاولة المكاره فقال :﴿عضدك﴾ أي أمرك ﴿بأخيك﴾ أي سنقويك ونعينك به إجابة لسؤالك صلة منك لأخيك، وعوناً منه لك ﴿ونجعل لكما سلطاناً﴾ أي ظهوراً عظيماً عليهم، وغلبة لهم بالحجج والهيبة لأجل ما ذكرت من الخوف ﴿فلا﴾ أي فيتسبب عن ذلك أنهم لا ﴿يصلون إليكما﴾ بنوع من أنواع الغلبة ﴿بآياتنا﴾ أي نجعل ذلك بسبب ما يظهر على أيديكما من الآيات المعظمة بنسبتها إلينا، ولذلك كانت النتيجة ﴿أنتما ومن اتبعكما﴾ أي من قومكما وغيرهم ﴿الغالبون﴾ أي لا غيرهم، وهذا يدل على أن فرعون لم يصل إلى السحرة بشيء مما هددهم به، لأنهم من أكبر الأتباع الباذلين لأنفسهم في الله، وكأنه حذف أمرهم هنا لأنه في بيان أمر فرعون وجنوده بدليل ما كرر من ذكرهم، وقد كشفت العاقبة عن أن السحرة ليسوا من جنوده، بل من حزب الله وجنده، ومع ذلك فقد أشار إليهم بهذه الآية والتي بعدها، وسيأتي في آخر سورة الحديد عن تاريخ ابن عبد الحكم أنهم خلصوا ورجع بعضهم إلى مصر فكانوا أول من ترهب.