وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يا أيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي ﴾
قال ابن عباس : كان بينها وبين قوله :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى ﴾ [ النازعات : ٢٤ ] أربعون سنة، وكذب عدوّ الله بل علم أن له ثَمَّ رَبّاً هو خالقه وخالق قومه.
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله ﴾ [ الزخرف : ٨٧ ].
قال :﴿ فَأَوْقِدْ لِي ياهامان عَلَى الطين ﴾ أي اطبخ لي الآجرّ ؛ عن ابن عباس رضي الله عنه.
وقال قتادة : هو أوّل من صنع الآجرّ وبنى به.
ولما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصرح جمع هامان العمال قيل خمسين ألف بناء سوى الأتباع والأجراء وأمر بطبخ الآجرّ والجص، ونشر الخشب، وضرب المسامير، فبنوا ورفعوا البناء وشيّدوا بحيث لم يبلغه بنيان منذ خلق الله السموات والأرض، فكان الباني لا يقدر أن يقوم على رأسه، حتى أراد الله أن يفتنهم فيه.
فحكى السدّي : أن فرعون صعد السطح ورمى بنُشَّابة نحو السماء، فرجعت متلطخة بدماء، فقال قد قتلت إله موسى.
فروي أن جبريل عليه السلام بعثه الله تعالى عند مقالته، فضرب الصرح بجناحه فقطعه ثلاث قطع ؛ قطعة على عسكر فرعون قتلت منهم ألف ألف، وقطعة في البحر، وقطعة في الغرب، وهلك كل من عمل فيه شيئاً.
والله أعلم بصحة ذلك.
﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الكاذبين ﴾ الظن هنا شك، فكفر على الشك ؛ لأنه قد رأى من البراهين ما لا يُخِيل على ذي فطرة.
قوله تعالى :﴿ واستكبر ﴾ أي تعظّم ﴿ هُوَ وَجُنُودُهُ ﴾ أي عن الإيمان بموسى.
﴿ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق ﴾ أي بالعدوان، أي لم تكن له حجة تدفع ما جاء به موسى.
﴿ وظنوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ ﴾ أي توهموا أنه لا معاد ولا بعث.
وقرأ نافع وابن محيصن وشيبة وحميد ويعقوب وحمزة والكسائي :﴿ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾ بفتح الياء وكسر الجيم على أنه مسمى الفاعل.
الباقون :﴿ يُرْجَعُونَ ﴾ على الفعل المجهول.


الصفحة التالية
Icon