﴿ فأخذناه وَجُنُودَهُ ﴾ عقيبَ ما بلغُوا من الكفرِ والعتُوِّ أقصى الغاياتِ ﴿ فنبذناهم فِى اليم ﴾ قد مرَّ تفصيلُه وفيه من تفخيمِ شأنِ الأخذِ وتهويلِه واستحقارِ المأخوذينَ المنبوُذينَ ما لا يخفى كأنَّه تعالى أخذَهم مع كثرتِهم في كفَ وطرحَهم في البحرِ، ونظيُره قولُه تعالى :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مطويات بِيَمِينِهِ ﴾ ﴿ فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة الظالمين ﴾ وبيَّنها للنَّاسِ ليعتبرُوا بها ﴿ وجعلناهم ﴾ أي صيَّرناهم في عهدِهم ﴿ أَئِمَّةً يَدْعُونَ ﴾ النَّاسَ ﴿ إِلَى النار ﴾ إلى ما يُؤدِّي إليها من الكفرِ والمَعَاصي أي قدوةً يَقتِدي بهم أَهلُ الضَّلالِ لمَّا صرفُوا اختيارَهم إلى تحصيلِ تلك الحالةِ وقيل سمَّيناهم أئمةً دعاةً إلى النَّار كما في قولِه تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا ﴾ فالأنسبُ حينئذٍ أن يكونَ الجعلُ بعدهم فيما بين الأممِ وتكونَ الدَّعوة إلى نفسِ النَّارِ وقيل : معنى الجعلِ منعُ الألطافِ الصَّارفةِ عن ذلك ﴿ وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ ﴾ بدفعِ العذابِ عنُهم بوجهٍ من الوجوهِ.
﴿ وأتبعناهم فِى هَذِهِ الدنيا لَعْنَةً ﴾