وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه حين سافر إلى الشام ورأى القصور المشيدة بالآجر قال ما علمت إن إحداً بني بالآجر غير فرعون وفي أمره إياه وهو وزيره ورديفه بعمل السفلة من الإيقاد على الطين منادياً له باسمه دون تكنية وتلقيب بيا دون ما يدل على القرب في وسط الكلام دون أوله من الدلالة على تجبره وتعظمه ما لا يخفى.
﴿ واستكبر هُوَ وَجُنُودُهُ ﴾ أي رأوا كل م سواهم حقيراً بالإضافة إليهم ولم يروا العظمة والكبرياء إلا لأنفسهم فنظروا إلى غيرهم نظر الملوك إلى العبيد ﴿ فِى الأرض ﴾ الأكثرون على أن المراد في أرض مصر، وقيل : المراد بها الجرم المعروف المقابل للسماء، وفي التقييد بها تشنيع عليهم حيث استكبروا فيما هو أسفل الإجرام وكان اللائق بهم أن ينظروا إلى محلهم وتسفله فلا يستكبروا ﴿ بِغَيْرِ الحق ﴾ أي بغير الاستحقاق لما أن رؤيتهم تلك باطلة ولا تكون رؤية الكل حقيراً بالإضافة إلى الرائي ورؤية العظمة والكبرياء لنفسه على الخصوص دون غيره حقاً إلا من الله عز وجل، ومن هنا قال الزمخشري ؛ الاستكبار بالحق إنما هو لله تعالى وكل مستكبر سواه عز وجل فاستكباره بغير الحق، وفي الحديث القدسي " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحد منهما ألقيته في النار " ﴿ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ ﴾ بالبعث للجزاء، والظن قيل : إما على ظاهره أو عبر عن اعتقادهم به تحقيراً لهم وتمهيلاً، وقرأ حمزة.
والكسائي.
ونافع ﴿ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾ بفتح الياء وكسر الجيم.
﴿ فأخذناه وَجُنُودَهُ فنبذناهم فِي اليم ﴾ أي ألقيناهم وأغرقناهم فيه، وقد مر تفصيل ذلك، وفي التعبير بالنبذ وهو إلقاء الشيء الحقير وطرحه لقلة الاعتداد به ولذلك قال الشاعر :
نظرت إلى عنوانه فنبذته...
كنبذك نعلاً من نعالك باليا


الصفحة التالية
Icon