وقال أبو حيان :
﴿ فَلَمَّا جَاءهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا ﴾
﴿ والحق ﴾ : هو الرسول، محمد ( ﷺ )، جاء بالكتاب المعجز الذي قطع معاذيرهم.
وقيل : القرآن، ﴿ مثل ما أوتي موسى ﴾.
﴿ من قبل ﴾ : أي من قبل الكتاب المنزل جملة واحدة، وانقلاب العصا حية، وفلق البحر، وغيرها من الآيات.
اقترحوا ذلك على سبيل التعنت والعناد، كما قالوا : لولا أنزل عليه كنز، وما أشبه ذلك من المقترحات لهم.
وهذه المقالة التي قالوها هي من تعليم اليهود لقريش، قالوا لهم.
ألا يأتي بآية باهرة كآيات موسى، فرد الله عليهم بأنهم كفروا بآيات موسى، وقد وقع منهم في آيات موسى ما وقع من هؤلاء في آيات الرسول.
فالضمير في :﴿ أو لم يكفروا ﴾ لليهود، قاله ابن عطية : وقيل : قائل ذلك العرب بالتعليم، كما قلنا.
وقيل : قائل ذلك اليهود، ويظهر عندي أنه عائد على قريش الذين قالوا :﴿ لولا أوتي ﴾ : أي محمد، ﴿ ما أوتي موسى ﴾، وذلك أن تكذيبهم لمحمد ( ﷺ ) تكذيب لموسى عليه السلام، ونسبتهم السحر للرسول نسبة السحر لموسى، إذ الأنبياء هم من وادٍ واحد.
فمن نسب إلى أحد من الأنبياء ما لا يليق، كان ناسباً ذلك إلى جميع الأنبياء.
وتتناسق الضمائر كلها في هذا، في قوله :﴿ قل فأتوا بكتاب من عند الله ﴾ وإن كان الظاهر من القول إنه النطق اللساني، فقد ينطلق على الاعتقاد وهم من حيث إنكار النبوات، معتقدون أن ما ظهر على أيدي الأنبياء من الآيات إنما هو من باب السحر.
وقال الزمخشري :﴿ أو لم يكفروا ﴾، يعني آباء جنسهم، ومن مذهبهم مذهبهم، وعنادهم عنادهم، وهم الكفرة في زمن موسى ﴿ بما أوتي موسى ﴾.
وعن الحسن : قد كان للعرب أصل في أيام موسى، فمعناه على هذا : أو لم يكفر آباؤهم؟ قالوا في موسى وهارون :﴿ ساحران تظاهرا ﴾، أي تعاوناً. انتهى.
ومن قبل : يحتمل أن يتعلق بيكفروا، وبما أوتي.
وقرأ الجمهور : ساحران.