ولما كان الإتيان بمثل ما أتى به موسى عليه الصلاة والسلام لا يكون موجباً للإيمان على زعمهم إلا بأن يكون أعظم مما أتى به محمد ـ ﷺ ـ، أو يكون الناس لم يتوقفوا في الإيمان به، وكان كل من الأمرين منتفياً بأن أهل زمانه كفرو به، وهو لما سألوا اليهود عن محمد ـ ﷺ ـ وأمروهم أن يمتحنوه بالروح وقصتي أهل ألكهف وذي القرنين وجاء في كل من ذلك بما لزمهم تصديقه، فامتنعوا وأصروا على كفرهم، وكان في ذلك كفرهم به وبموسى عليهما الصلاة والسلام، فعلم أن التقدير : ألم يكفروا بما أتاهم به من الآيات الباهرة مع أنه مثل ما أتى به موسى عليهما الصلاة والسلام، بل أعظم منه ﴿أولم يكفروا﴾ أي العرب ومن بلغتهم الدعوة من بني إسرائيل أو من شاء الله منهم أو أبناء جنسهم ومن كان مثلهم في البشرية والعقل في زمن موسى عليه السلام ﴿بما أوتي موسى ﴾.
ولما كان كل من إتيانه وكفرهم لم يستغرق زمان القبل، أثبت الجار فقال :﴿من قبل﴾ أي من قبل مجيء الحق على لسان محمد ـ ﷺ ـ إليهم.
ولما كان كأنه قيل : ما كان كفرهم به؟ قيل :﴿قالوا﴾ أي فرعون وقومه ومن كفر من بني إسرائيل كقارون ومن تبعه.


الصفحة التالية
Icon