ولما كان هذا سبباً لأن ظهر كالشمس بون عظيم بين حال المخالف والمؤالف، سبب عنه وأنتج قوله، مقرراً لما ذكر من الأمرين موضحاً لما لهما من المباينة، منكراً على من سوى بينهما، فكيف بمن ظن أن حال المخالف أولى :﴿أفمن وعدناه﴾ على عظمتنا في الغنى والقدرة والصدق ﴿وعداً﴾ وهو الإثابة والثواب ﴿حسناً﴾ لا شيء أحسن منه في موافقته لأمنيته وبقائه ﴿فهو﴾ بسبب وعدنا الذي لا يخلف ﴿لاقيه﴾ أي مدركه ومصيبه لا محالة ﴿كمن متعناه﴾ أي بعظمتنا ﴿متاع الحياة الدنيا﴾ فلا يقدر أحد غيرنا على سلبه منه بغير إذن منا، ولا يصل أحد إلى جعله باقياً، وهو مع كونه فانياً وإن طال زمنه مشوب بالأكدار، مخالط بالأقذار والأوزار ﴿ثم هو﴾ مع ذلك كله ﴿يوم القيامة﴾ الذي هو يوم التغابن، من خسر فيه لا يربح أصلاً، ومن هلك لا يمكن عيشه بوجه ﴿من المحضرين﴾ أي المقهورين على الحضور إلى مكان يود لو افتدى منه بطلاع الأرض ذهباً، فإن كل من يوكل به لحضور أمر يتنكد على حسب مراتب التوكيل كائناً من كان في أي أمر كان.
ولما كان اليوم وإن كان واحداً يتعدد بتعدد أوصافه، بما يقع في أثناءه وأضعافه، على يوم القيامة تهويلاً لأمره، وتعظيماً لخطره وشره، قوله مقرراً لعجز العباد، عن شيء من الإباء في يوم العباد :﴿ويوم يناديهم﴾ أي ينادي الله هؤلاء الذين يغرون بين الناس ويصدون عن السبيل، ويتعللون في أمر الإيمان، وتوحيد المحسن الديان ﴿فيقول﴾ أي الله :﴿أين شركاءي﴾ أي من الأوثان وغيرهم ؛ ثم بين أنهم لا يستحقون هذا الاسم بقوله :﴿الذين كنتم﴾ أي كوناً أنتم عريقون فيه ﴿تزعمون﴾ ليدفعوا عنكم أو عن أنفسهم.