﴿وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي﴾ [ إبراهيم : ٢٢ ] - فالآية من الاحتباك : حذف أولاً ﴿فغووا﴾ لدلالة ﴿غوينا﴾ عليه، وثانياً " لما أغوانا، من قبلنا " لدلالة ﴿أغويناهم﴾ عليه ومرادهم، بقولهم هذا السفساف أنه لا لوم علينا في الحقيقة بسببهم، وهذا معنى قولهم :﴿تبرأنا إليك﴾ أي من أمرهم، فلا يلزمنا عقوبة بسببهم، فهو تقرير لما قبل وتصريح به.
ولما كان يعلمون أنهم غير مؤمنين من أمرهم، تبرؤوا من انفرادهم بإضلالهم، فقالوا لمن كأنه قال : ما وجه براءتكم وقد أقررتم باغوائهم؟ :﴿ما كانوا إيانا﴾ أي خاصة ﴿يعبدون﴾ بل كانوا يعبدون الأوثان بما زينت لهم أهواؤهم وإن كان لنا فيه نوع دعاء لهم إليه وحث عليه، فأقل ما نريد أن يوزع العذاب على كل من كان سبباً في ذلك كما في الآية الأخرى ﴿فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء﴾ وضل عن الجهلة أن هذا لا يغنيهم عن الله شيئاًَ، فإن الكل في العذاب وليس يغني أحد منهم عن أحد شيئاً، قال ﴿لكل ضعف ولكن لا تعلمون ﴾.
ولما لم يلتفت إلى هذا الكلام منهم بل عد عدماً، لأنه لا طائل تحته، أشير إلى الإعراض عنه لأنه لا يستحق جواباً كما قيل " رب قول جوابه في السكوت " بقوله :﴿وقيل﴾ أي ثانياً للأتباع تهكماً بهم وإظهاراً لعجزهم الملزوم لتحسرهم وعظم تأسفهم، وعبر بصيغة المجهول، إظهاراً للاستهانة بهم، وأنهم من الذل والصغار بحيث يجيبون كل أمر كائناً من كان :﴿ادعوا﴾ أي كلكم ﴿شركاءكم﴾ أي الذين ادعيتم جهلاً شركتهم ليدفعوا عنكم.