وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ القول ﴾
أي أتبعنا بعضه بعضاً، وبعثنا رسولاً بعد رسول.
وقرأ الحسن :﴿ وَصَلْنَا ﴾ مخففاً.
وقال أبو عبيدة والأخفش : معنى ﴿ وصلنا ﴾ أتممنا كصلتك الشيء.
وقال ابن عُيَيْنة والسدّي : بيّنا.
وقال ابن عباس.
وقال مجاهد : فصلنا.
وكذلك كان يقرؤها.
وقال ابن زيد : وصلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة حتى كأنهم في الآخرة في الدنيا.
وقال أهل المعاني : وَالَينا وتابعنا وأنزلنا القرآن تبِع بعضه بعضاً : وعداً ووعيداً وقصصاً وعبراً ونصائح ومواعظ إرادة أن يتذكروا فيفلحوا.
وأصلها من وصل الحبال بعضها ببعض.
قال الشاعر :
فقل لبني مروان ما بال ذِمّةٍ...
وحبلٍ ضعيفٍ ما يزال يُوَصَّلُ
وقال امرؤ القيس :
درِيرٍ كَخُذروفِ الوليدِ أَمَرَّهُ...
تَقَلُّبُ كفَّيه بخيطٍ مُوَصَّلِ
والضمير في ﴿ لهم ﴾ لقريش ؛ عن مجاهد.
وقيل : هو لليهود.
وقيل : هو لهم جميعاً.
والآية رد على من قال هلا أوتي محمد القرآن جملة واحدة.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ قال ابن عباس : يتذكرون محمداً فيؤمنوا به.
وقيل : يتذكرون فيخافوا أن ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم ؛ قاله علي بن عيسى.
وقيل : لعلهم يتعظون بالقرآن عن عبادة الأصنام.
حكاه النقاش.
قوله تعالى :﴿ الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
أخبر أن قوماً ممن أوتوا الكتاب من بني إسرائيل من قبل القرآن يؤمنون بالقرآن ؛ كعبد الله بن سَلام وسلمان.
ويدخل فيه من أسلم من علماء النصارى، وهم أربعون رجلاً، قدموا مع جعفر بن أبي طالب المدينة، اثنان وثلاثون رجلاً من الحبشة، وثمانية نفر أقبلوا من الشام وكانوا أئمة النصارى : منهم بحيراء الراهب وأبرهة والأشرف وعامر وأيمن وإدريس ونافع.
كذا سماهم الماوردي وأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية والتي بعدها ﴿ أولئك يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ قاله قتادة.