وكان الرجل يلقى قاتل أبيه وابنه فيها فلا يهيجه ولا يعرض له بسوء ؛ وروى الأزرقي في تأريخ مكة بسنده عن حويطب بن عبد العزى ـ رضى الله عنه ـ قال : كانت في الكعبة حلق يدخل الخائف يده فيها فلا يريبه أحد، فجاء خائف ليدخل يده فاجتذبه رجل فشلت يده، فلقد رأيته في الإسلام وإنه لأشل، وروي عن ابن جريج قصة العرب من غير قريش في أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة إلا إن أعارتهم قريش ثياباً، فجاءت امرأة فطافت عريانة وكان لها جمال فرآها رجل فأعجبته فدخل فطاف إلى جنبها، فأدنى عضده من عضدها، فالتزقت عضده بعضدها، فخرجا من المسجد هاربين على وجوههما فزعين لما أصابهما من العقوبة، فلقيهما شيخ من قريش فأفتاهما أن يعودا إلى المكان الذي أصابا فيه الذنب، فيدعوان ويخلصان أن لا يعودا، فدعوا وأخلصا النية، فافترقت أعضادهما فذهب كل واحد منهما في ناحية، وبسنده عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : أخذ رجل ذود ابن عم له فأصابه في الحرم فقال : ذودي : فقال اللص : كذبت، قال : فاحلف، فحلف عند المقام، فقام رب الذود بين الركن والمقام باسطاً يديه يدعو، فما برح مقامه يدعو حتى ذهب عقل اللص وجعل يصيح بمكة : ما لي، وللزود، ما لي، ولفلان - رب الزود، فبلغ ذلك عبد المطلب فجمع الزود فدفعه إلى المظلوم، فخرج به وبقي الآخر متولهاً حتى وقع من جبل فتردى فأكلته السباع.