ولما كان هذا الذي أبدوه عذراً عن تخلفهم عن الهدى يظنونه من نفائس العلم، رده تعالى نافياً عمن لم يؤمن منهم جميع العلم الذي بنفيه ينتفي أن يكون هذا الفرد علماً، فقال في أسلوب التأكيد لذلك :﴿ولكن أكثرهم﴾ أي أهل مكة وغيرهم ممن لا هداية له ﴿لا يعلمون﴾ أي ليس لهم قابلية للعلم حتى يعلموا أنا نحن الفاعلون لذلك بترتيب أسبابه حتى تمكن ذلك وتم فلا قدرة لأحد على تغييره، وإنا قادرون على أن نمنعهم - إذا تابعوا أمرنا - ممن يريدهم، بل نسلطهم على كل من ناواهم، كقدرتنا على ما مكنا لهم وهو خارج عن القياس على ما يقتضيه عقول الناس، وإنا قادرون على سلب ذلك كله عنهم لإصرارهم على الكفر، ولا بد أن نذيقهم ذلك أجمع بعد هجرتك ليعلموا أنه إنما نالهم ذلك ببركتك، ولو علموا ذلك لشكروا، ولكنهم جهلوا فكفروا، ولذلك أنذروا ﴿ولتعلمن نبأه بعد حين ﴾.


الصفحة التالية
Icon