وقال ابن الجوزى :
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى
قوله تعالى :﴿ إِنَّكَ لا تَهْدي مَنْ أحببتَ ﴾
قد ذكرنا سبب نزولها عند قوله :﴿ ما كان للنَّبيِّ والذين آمنوا أن يَسْتَغْفِروا للمُشْرِكين ﴾ [ التوبة : ١١٣ ]، وقد روى مسلم فيما انفرد به عن البخاري من حديث أبي هريرة قال :" قال رسول الله ﷺ لعمِّه "قل : لا إِله إِلا الله أشهد لك بها يوم القيامة"، فقال : لولا أن تُعيِّرني نساءُ قريش، يقلن : إِنَّما حمله على ذلك الجزع، لاقررتُ بها عينك، فأنزل الله عز وجل :﴿ إِنَّك لا تهدي مَنْ أحببت ﴾ " قال الزجاج : أجمع المفسرون أنها نزلت في أبي طالب.
وفي قوله :﴿ مَنْ أحببتَ ﴾ قولان.
أحدهما : من أحببتَ هدايته.
والثاني : من أحببتَه لقرابته.
﴿ ولكنَّ الله يهدي من يشاء ﴾ أي : يُرْشِد لِدِينه من يشاء ﴿ وهو أعلمُ بالمهتدين ﴾ أي : من قدَّر له الهُدى.
قوله تعالى :﴿ وقالوا إِنْ نَتَّبِعِ الهُدى معكَ ﴾ قال ابن عباس في رواية العوفي : هم ناس من قريش قالوا ذلك.
وقال في رواية ابن أبي مُلَيْكة : إِنَّ الحارث بن عامر بن نوفل قال ذلك.
وذكر مقاتل أن الحارث بن عامر قال لرسول الله ﷺ : إِنَّا لَنعلم أنَّ الذي تقول حق، ولكن يمنعنا ان نتَّبع [ الهُدى ] معك مخافة أن تتخطَّفنا العرب من أرضنا، يعنون مكة.
ومعنى الاية : إِن اتَّبعناك على دينك خِفْنا العرب لمخالفتنا إِياها.