والثاني : أن يقف على قوله :﴿ وَيَخْتَارُ ﴾ ويجعل ما نفياً أي ليس إليهم الاختيار، وهذا القول أصوب وأعجب إليّ كقوله سبحانه :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [ الأحزاب : ٣٦ ]، وأنشدني أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب، قال : أنشدني أبو جعفر محمد بن صالح، قال : أنشدنا حماد بن علي البكراوي لمحمود بن الحسن الوراق :

توكل على الرحمن في كلّ حاجة أردت فإنّ الله يقضي ويقدر
إذا ما يردْ ذو العرش أمراً بعبده يصبْه وما للعبد ما يتخيّر
وقد يهلك الإنسان من جه حذره وينجو بحمد الله من حيث يحذر
وأنشدني الحسين بن محمد، قال : أنشدني أبو الفوارس حنيف بن أحمد بن حنيف الطبري :
العبد ذو ضجر والربّ ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللؤم والشوم
روى سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ قال :" إنّ الله عز وجل اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار من أصحابي أربعة : أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلي " رضوان الله عليهم أجمعين " فجعلهم خير أصحابي، وفي كلّ أصحابي خير، واختار أُمتي على سائر الأمم، واختار لي من أمتي أربعة قرون بعد أصحابي : القرون الأول والثاني والثالث تترى والرابع فردي ".
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شيبة، قال : حدّثنا جعفر بن أحمد الواسطي، قال : حدّثنا محمد بن عبيد قال : حدّثنا يوسف بن يعقوب السلمي، قال : حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن وهب بن منبه، عن أخيه في قوله :﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ﴾ قال : اختار من الغنم الضأن ومن الطير الحمام.


الصفحة التالية
Icon