﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ﴾ قيل : سببها استغراب قريش لاختصاص سيدنا محمد ﷺ بالنبوة، فالمعنى أن الله يخلق ما يشاء، ويختار لرسالته من يشاء من عباده، ولفظها أعم من ذلك، والأحسن حمله على عمومه : أي يختار ما يشاء من الأمور على الاطلاق، ويفعل ما يريد ﴿ مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة ﴾ ما نافية، والمعنى ما كان للعباد اختيار إنما الاختيار، والإرادة لله وحده. فالوقف على قوله ويختار، وقيل : إن ما مفعولة بيختار، ومعنى الخيرة على هذا الخير والمصلحة، وهذا يجري على قول المعتزلة، وذلك ضعيف ؛ لرفع الخيرة على أنها اسم كان، ولو كانت ما مفعولة : لكان اسم كان مضمراً يعود على ما ؛ وكانت الخيرة منصوبة على أنها خبر كان، وقد اعتذر عن هذا من قال : إن ما مفعولة بأن يقال : تقدير الكلام : يختار ما كان لهم الخيرة فيه، ثم حذف الجار والمجرور وهذا ضعيف، وقال ابن عطية : يتجه أن تكون ما مفعولة إذا قدرنا كان تامة، ويوقف على قوله ما كان : أي يختار كل كائن، ويكون " لهم الخيرة " جملة مستأنفة، وهذا بعيد جداً.
﴿ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ﴾ أي ما تخفيه قلوبهم وعبر عن القلب بالصدر، لأنه يحتوي عليه.
﴿ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة ﴾ قيل إن الحمد في الآخرة قولهم :﴿ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ﴾ [ الزمر : ٧٤ ] أو قولهم :﴿ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن ﴾ [ فاطر : ٣٤ ] وفي ذكر الأولى مع الآخرة مطابقة ﴿ سَرْمَداً ﴾ أي دائماً، والمراد بالآيات إثبات الوحدانية وإبطال الشرك، فإن قيل : كيف قال ﴿ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ ﴾، وهلا قال : يأتيكم بنهار في مقابلة قوله ﴿ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ ﴾ فالجواب أنه ذكر الضياء لجملة ما فيه من المنافع والعبر ﴿ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ ﴾ أي في الليل ﴿ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾ أي في النهار، ففي الآية لف ونشر.


الصفحة التالية
Icon