وقال النسفى :
﴿ ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون ﴾
التوصيل وتكريره يعني أن القرآن أتاهم متتابعاً متواصلاً وعداً ووعيداً وقصصاً وعبراً ومواعظ ليتذكروا فيفلحوا ﴿ الذين ءاتيناهم الكتاب مِن قَبْلِهِ ﴾ من قبل القرآن وخبر ﴿ الذين ﴾ ﴿ هُم بِهِ ﴾ بالقرآن ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ نزلت في مؤمني أهل الكتاب ﴿ وَإِذَا يتلى ﴾ القرآن ﴿ عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الحق مِن رَّبّنَا إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ ﴾ من قبل نزول القرآن ﴿ مُسْلِمِينَ ﴾ كائنين على دين الإسلام، مؤمنين بمحمد عليه السلام، وقوله ﴿ إنه ﴾ تعليل للإيمان به لأن كونه حقاً من الله حقيق بأن يؤمن به، وقوله ﴿ إنا ﴾ بيان لقوله ﴿ آمنا ﴾ لأنه يحتمل أن يكون إيماناً قريب العهد وبعيده فأخبروا بأن إيمانهم به متقادم ﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ بصبرهم على الإيمان بالتوراة والإيمان بالقرآن، أو بصبرهم على الإيمان بالقرآن قبل نزوله وبعد نزوله، أو بصبرهم على أذى المشركين وأهل الكتاب ﴿ وَيَدْرَءونَ بالحسنة السيئة ﴾ يدفعون بالطاعة المعصية أو بالحلم الأذى ﴿ وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ ﴾ يزكون ﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو ﴾ الباطل أو الشتم من المشركين ﴿ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ ﴾ للاغين ﴿ لَنَا أعمالنا وَلَكُمْ أعمالكم سلام عَلَيْكُمْ ﴾ أمان منا لكم بأن نقابل لغوكم بمثله ﴿ لاَ نَبْتَغِى الجاهلين ﴾ لا نريد مخالطتهم وصحبتهم.
﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ لا تقدر أن تدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم ﴿ ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء ﴾ يخلق فعل الاهتداء فيمن يشاء ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين ﴾ بمن يختار الهداية ويقبلها ويتعظ بالدلائل والآيات.
قال الزجاج : أجمع المفسرون على أنها نزلت في أبي طالب، وذلك أنه قال عند موته : يا معشر بني هاشم صدقوا محمداً تفلحوا.