وقال البيضاوى :
﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ القول ﴾
أتبعنا بعضه بعضاً في الإِنزال ليتصل التذكير، أو في النظم لتقرر الدعوة بالحجة والمواعظ بالمواعيد والنصائح بالعبر. ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ فيؤمنون ويطيعون.
﴿ الذين ءاتيناهم الكتاب مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ نزلت في مؤمني أهل الكتاب، وقيل في أربعين من أهل الانجيل اثنان وثلاثون جاءوا مع جعفر من الحبشة وثمانية من الشام، والضمير في ﴿ مِن قَبْلِهِ ﴾ للقرآن كالمستكن في :
﴿ وَإِذَا يتلى عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءَامَنَّا بِهِ ﴾ أي بأنه كلام الله تعالى. ﴿ إِنَّهُ الحق مِن رَّبّنَا ﴾ استئناف لبيان ما أوجب إيمانهم به. ﴿ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ﴾ استئناف آخر للدلالة على أن إيمانهم به ليس مما أحدثوه حينئذٍ، وإنما هو أمر تقادم عهده لما رأوا ذكره في الكتب المتقدمة وكونهم على دين الإِسلام قبل نزول القرآن، أو تلاوته عليهم باعتقادهم صحته في الجملة.
﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ ﴾ مرة على إيمانهم بكتابهم ومرة على إيمانهم بالقرآن. ﴿ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ بصبرهم وثباتهم على الإِيمانين، أو على الإِيمان بالقرآن قبل النزول وبعده، أو على أذى المشركين ومن هاجرهم من أهل دينهم. ﴿ وَيَدْرَءونَ بالحسنة السيئة ﴾ ويدفعون بالطاعة المعصية لقوله ﷺ " أتبع السيئة الحسنة تمحها " ﴿ وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ ﴾ في سبيل الخير.
﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ ﴾ تكرماً. ﴿ وَقَالُواْ ﴾ للاغين. ﴿ لَنَا أعمالنا وَلَكُمْ أعمالكم سلام عَلَيْكُمْ ﴾ متاركة لهم وتوديعاً، أو دعاء لهم بالسلامة عما هم فيه. ﴿ لاَ نَبْتَغِى الجاهلين ﴾ لا نطلب صحبتهم ولا نريدها.