﴿ أَفَمَن وعدناه وَعْداً حَسَناً ﴾ وعداً بالجنة فإن حسن الوعد بحسن الموعود. ﴿ فَهُوَ لاَقِيهِ ﴾ مدركه لا محالة لامتناع الخلف في وعده، ولذلك عطفه بالفاء المعطية معنى السببية. ﴿ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ متاع الحياة الدنيا ﴾ الذي هو مشوب بالآلام مكدر بالمتاعب مستعقب بالتحسر على الانقطاع. ﴿ ثُمَّ هُوَ يَوْمَ القيامة مِنَ المحضرين ﴾ للحساب أو العذاب، و﴿ ثُمَّ ﴾ للتراخي في الزمان أو الرتبة، وقرأ نافع وابن عامر في رواية والكسائي ﴿ ثُمَّ هُوَ ﴾ بسكون الهاء تشبيهاً للمنفصل بالمتصل، وهذه الآية كالنتيجة للتي قبلها ولذلك رتبت عليها بالفاء.
﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾ عطف على يوم القيامة أو منصوب باذكر. ﴿ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِىَ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ أي الذين كنتم تزعمونهم شركائي، فحذف المفعولان لدلالة الكلام عليهما.
﴿ قَالَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول ﴾ بثبوت مقتضاه وحصول مؤداه وهو قوله تعالى :﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ ﴾ وغيره من آيات الوعيد. ﴿ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الذين أَغْوَيْنَا ﴾ أي ﴿ هَؤُلاء الذين ﴾ أغويناهم فحذف الراجع إلى الموصول. ﴿ أغويناهم كَمَا غَوَيْنَا ﴾ أي ﴿ أغويناهم ﴾ فغووا غياً مثل ما غوينا، وهو استئناف للدلالة على أنهم غووا باختيارهم وأنهم لم يفعلوا بهم إلا وسوسة وتسويلاً، ويجوز أن يكون ﴿ الذين ﴾ صفة و﴿ أغويناهم ﴾ الخبر لأجل ما اتصل به فإفادة زيادة على الصفة وهو إن كان فضلة لكنه صار من اللوازم. ﴿ تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ ﴾ منهم ومما اختاره من الكفر هوى منهم، وهو تقرير للجملة المتقدمة ولذلك خلت عن العاطف وكذا. ﴿ مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴾ أي ما كانوا يعبدوننا، وإنما كانوا يعبدون أهواءهم. وقيل ﴿ مَا ﴾ مصدرية متصلة ب ﴿ تَبَرَّأْنَا ﴾ أي تبرأنا من عبادتهم إيانا.