﴿فعميت﴾ أي : خفيت وأظلمت ﴿عليهم الأنباء﴾ أي : الأخبار المنجية ﴿يومئذ﴾ التي هي من العظمة بحيث يحق لها في ذلك اليوم أن تذكر، تنبيه : الأصل فعموا عن الأنباء لكنه عكس مبالغة ودلالة على أن ما يحضر الذهن إنما يفيض ويرد عليه من خارج وإذا أخطأه لم يكن له حيلة إلى استحضاره وإذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام في ذلك اليوم يفوِّضون إلى علم الله تعالى فما ظنك بالضلال فلهذا قال تعالى :﴿فهم لا يتساءلون﴾ أي : لا يسأل بعضهم بعضاً عن الجواب لفرط الدهشة أو للعلم بأنه مثله هذا حال من أصر على كفره.
﴿فأما من تاب﴾ عنه وقوله تعالى :﴿وآمن﴾ تصريح بما علم التزاماً فإن الكفر والإيمان ضدّان لا يمكن ترك أحدهما إلا بأخذ الآخر وقوله تعالى :﴿وعمل صالحاً﴾ لأجل أن يكون مصدقاً لدعواه باللسان ﴿فعسى﴾ إذا فعل ذلك ﴿أن يكون من المفلحين﴾ عند الله وعسى تحقيق على عادة الكرام، أو ترجّ من التائب بمعنى فليتوقع أن يفلح، ولما كان كأنه قيل ما لأهل القسم الأوّل لا يتوخون النجاة من ضيق ذلك البلاء إلى رحب هذا الرجاء وكان الجواب ربك منعهم من ذلك، وما له لم يقطع لهذا القسم بالفلاح كما قطع لأهل القسم الأوّل بالشقاء كان الجواب.