وقال محمد بن إسحاق في " السيرة " : ثم قدم على رسول الله ﷺ وهو بمكة، عشرون رجلاً أو قريب من ذلك من النصارى، حين بلغهم خبره من الحبشة. فوجدوه في المسجد. فجلسوا إليه وكلّموه وسألوه. ورجال من قريش في أنديتهم. حول الكعبة. فلما فرغوا من مساءلة رسول الله ﷺ عما أرادوا، دعاهم إلى الله تعالى وتلا عليهم القرآن. فلما سمعوا القرآن. فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع. ثم استجابوا لله وآمنوا به، وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره. فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل بن هشام في نفر من قريش. فقالوا لهم : خَيّبكم الله من ركب. بعثكم مَن وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم، لتأتوهم بخير الرجل. فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه فيما قال. ما نعلم ركباً أحمق منكم. أو كما قالوا لهم. فقالوا لهم : سلام عليكم. لا نجاهلكم. لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيراً.
قال : ويقال إن النفر النصارى من أهل نجران. فالله أعلم أي : ذلك كان.
قال : ويقال، والله أعلم، إن فيهم نزلت هذه الآيات :﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ إلى قوله :﴿ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾.
قال : وسألت الزهري عن الآيات فيمن نزلت ؟ قال : ما زلت أسمع من علمائنا أنهن نزلن في النجاشي وأصحابه رضي الله عنهم. والآيات اللاتي في سورة المائدة :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً ﴾ [ المائدة : ٨٢ ]، إلى قوله :﴿ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [ المائدة : ٨٣ ].
القول في تأويل قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon