وقال أبو السعود :
﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء ﴾ أنْ يخلقَه ﴿ وَيَخْتَارُ ﴾ ما يشاءُ اختيارَه من غيرِ إيجابٍ عليه ولا منعٍ له أصلاً ﴿ مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة ﴾ أي التَّخيُّرُ كالطِّيرةِ بمعنى التَّطيرِ، والمرادُ نفيُ الاختيارِ المؤثرِ عنهم وذلك ممَّا لا ريبَ فيه. وقيل : المرادُ أنَّه ليس لأحدٍ من خلقِه أنْ يختارَ عليه ولذلك خَلا عن العاطفِ ويؤيدُه ما رُوي أنَّه نزل في قولِ الوليدِ بنِ المُغيرةِ ﴿ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾ والمعنى لا يبعثُ الله تعالى الرُّسلَ باختيارِ المرسَلِ إليهم وقيل : معناه ويختار الذي كان لهم فيه الخيرُ والصَّلاحُ ﴿ سبحان الله ﴾ أي تنزَّه بذاتِه تنزُّهاً خاصّاً به من أنْ ينازعَه أحدٌ أو يزاحم اختيارَه اختيارٌ ﴿ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ عن إشراكِهم أو عن مشاركةِ ما يشركونَه به.
﴿ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ﴾ كعداوة رسولِ للها ﷺ وحقدِه ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ كالطَّعنِ فيه ﴿ وَهُوَ الله ﴾ أي المستحقُّ للعبادة ﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ لا أحدَ يستحقُّها إلا هو ﴿ لَهُ الحمد فِى الاولى والآخرة ﴾ لأنَّه المولى للنِّعم كلِّها عاجلِها وآجلِها على الخلق كافةً يحمَده المؤمنون في الآخرةِ كما حمِدُوه في الدُّنيا بقولِهم : الحمدُ لله الذي أذهبَ عنَّا الحزنَ الحمدُ لله الذي صدقنا وعدَه ابتهاجاً بفضلِه والتذاذاً بحمدِه ﴿ وَلَهُ الحكم ﴾ أي القضاءُ النَّافذُ في كلِّ شيءٍ من غيرِ مشاركةٍ فيه لغيرِه ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ بالبعثِ لا إلى غيرِه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon