ويؤيده أن الآية نزلت حين قال الوليد بن المغيرة ﴿ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ﴾ [ الزخرف : ٣١ ] أو حين قال اليهود لو كان الرسول إلى محمد ﷺ غير جبريل عليه السلام لآمنا به على ما قيل، والجملة على هذا الوجه مؤكدة لما قبلها أو مفسرة له إذ معنى ذلك يخلق ما يشاء ويختار ما يشاء أن يختاره لا ما يختاره العباد عليه ولذا خلت عن العاطف وهي على ما تقدم مستأنفة في جواب سؤال تقديره فما حال العباد أو هل لهم اختيار أو نحوه؟ فقيل : إنهم ليس لهم اختيار، وضعف هذا الوجه بأنه لا دلالة على هذا المعنى في "النظم الجليل" وفيه حذف المتعلق وهو على الله تعالى من غير قرينة دالة عليه، وكون سبب النزول ما ذكر ممنوع، والقول الثاني فيه يستدعي بظاهره أن يكون ضمير لهم لليهود وفيه من البعد ما فيه، وقيل :﴿ مَا ﴾ موصولة مفعول يختار والعائد محذوف، والوقف على يشاء لا نافية، والوقف على يختار كما نص عليه الزجاج.
وعلي بن سليمان.
والنحاس كما في الوجهين السابقين أي ويختار الذي كان لهم فيه الخير والصلاح، واختياره تعالى ذلك بطريق التفضل والكرم عندنا وبطريق الوجوب عند المعتزلة، وإلى موصولية ما وكونها مفعول يختار ذهب الطبري إلا أنه قال في بيان المعنى عليه : أي ويختار من الرسل والشرائع ما كان خيرة للناس، وأنكر أن تكون نافية لئلا يكون المعنى أنه لم تكن لهم الخيرة فيما مضى وهي لهم فيما يستقبل، وادعى أبو حيان أنه روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما معنى ما ذهب إليه، واعترض بأن اللغة لا تساعده لأن المعروف فيها أن الخيرة بمعنى الاختيار لا بمعنى الخير وبأنه لا يناسب ما بعده من تعالى قوله :﴿ سبحان الله ﴾ الخ، وكذا لا يناسب ما قبله من قوله سبحانه :﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاء ﴾، وضعفه بعضهم بأن فيه حذف العائد ولا يخفى أن حذفه كثير.


الصفحة التالية
Icon