ولما كان إيقاع شيء على غير مراده نقصاً، وكان وقوع الشرك سفولاً وعجزاً، قال تعالى مشيراً إلى نتيجة هذه الآيات في نفي ذلك عنه :﴿سبحان الله﴾ أي تنزه الجامع لصفات الكمال عن أن يختار أحد شيئاً لا يريده فيص إليه أو يقع بوجه عليه ﴿وتعالى﴾ أي علا علو المجتهد في ذلك، فعلوُّه لا تبلغ العقول بوجه كنه هداه ﴿عما يشركون﴾ لأنه لا إرادة لما ادعوهم شركاء، ولو كانت لهم إرادة لتوقف إنفادها لعجزهم على إيجاد الخالق.
ولما كانت القدرة لا تتم إلا بالعلم، قال :﴿وربك﴾ أي المحسن إليك المتولي لتربيتك، كما هو بالغ القدرة، فهو شامل العلم ﴿يعلم ما تكن﴾ أي تخفي وتستر ﴿صدورهم﴾ من كونهم يؤمنون على تقدير أن تأتيهم آيات مثل آيات موسى أو لا يؤمنون، ومن كون ما أظهر من أظهر منهم الإيمان بلسانه خالصاً أو مشوباً.
ولما كان علم الخفي لا يستلزم علم الجلي إما لبعد أو لغط أو اختلاط أصوات يمنع تمييز بعضه عن بعض أو غير ذلك قال :﴿وما يعلنون﴾ أي يظهرون، كل ذلك لديه سواء، فلا يكون لهم مراد إلا بخلقه.


الصفحة التالية
Icon