وقال ابن عطية :
ثم أمر تعالى نبيه أن يوقفهم على أمر الليل والنهار وما منح الله فيهما من المصالح والمرافق وأن يوقفهم على إيجاده تعالى بتقليب الليل والنهار، وأنه لو مد أحدهما ﴿ سرمداً ﴾ لما وجد من يأتي بالآخر، و" السرمد " من الأشياء الدائم الذي لا ينقطع، وقرأت فرقة هي الجمهور " بضياء " بالياء، وقرأ ابن كثير في رواية قنبل " بضئاء " بهمزتين وضعفه أبو علي، ثم ذكر عز وجل انقسام الليل والنهار على السكون وابتغاء الفضل بالمشي والتصرف وهذا هو الغالب في أمر الليل والنهار، فعدد النعمة بالأغلب وإن وجد من يسكن بالنهار ويبتغي فضل الله بالليل فالشاذ النادر لا يعتد به، وقال بعض الناس : قوله تعالى ﴿ جعل لكم الليل والنهار ﴾ إنما عبر به عن الزمان لم يقصد لتقسيم، أي في هذا الوقت الذي هو ليل ونهار يقع السكون وابتغاء الفضل، وقوله ﴿ ولعلكم ﴾ أي على نظر البشر من يرى هذا التلطف والرفق يرى أن ذلك يستدعي الشكر ولا بد.
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤)
التقدير " واذكر يوم يناديهم " وكرر هذا المعنى إبلاغاً وتحذيراً وهذا النداء هو عن ظهور كل ما وعد الرحمن على ألسنة المرسلين من وجوب الرحمة لقوم والعذاب لآخرين من خضوع كل جبار وذلة الكل لعزة رب العالمين.
فيتوجه حينئذ توبيخ الكفار ﴿ فيقول ﴾ الله تعالى لهم :﴿ أين شركائي ﴾ على معنى التقريع، ثم أخبر تعالى أنه يخرج في ذلك اليوم ﴿ من كل أمة شهيداً ﴾ يميز بينه وبين الناس وهذا هو النزع أن يميز بين شيئين فينتزع أحدهما من الآخرة، وقال مجاهد : أراد ب " الشيهد " النبي الذي يشهد على أمته وقال الرماني : وقيل أراد عدولاً من الأمم وخياراً.


الصفحة التالية
Icon