أما قوله :﴿فبغى عَلَيْهِمْ﴾ ففيه وجوه أحدها : أنه بغى بسبب ماله، وبغيه أنه استخف بالفقراء ولم يرع لهم حق الإيمان ولا عظمهم مع كثرة أمواله والثاني : أنه من الظلم، قيل ملكه فرعون على بني إسرائيل فظلمهم الثالث : قال القفال : بغى عليهم، أي طلب الفضل عليهم وأن يكونوا تحت يده الرابع : قال الضحاك : طغى عليهم واستطال عليهم فلم يوفقهم في أمر الخامس : قال ابن عباس : تجبر وتكبر عليهم وسخط عليهم السادس : قال شهر بن حوشب : بغيه عليهم أنه زاد عليهم في الثياب شبراً، وهذا يعود إلى التكبر السابع : قال الكلبي : بغيه عليهم أنه حسد هرون على الحبورة، يروى أن موسى عليه السلام لما قطع البحر وأغرق الله تعالى فرعون جعل الحبورة لهرون، فحصلت له النبوة والحبورة وكان صاحب القربان والمذبح، وكان لموسى الرسالة، فوجد قارون من ذلك في نفسه، فقال يا موسى لك الرسالة، ولهرون الحبورة، ولست في شيء ولا أصبر أنا على هذا، فقال موسى عليه السلام : والله ما صنعت ذلك لهرون ولكن الله جعله له، فقال والله لا أصدقك أبداً حتى تأتيني بآية أعرف بها أن الله جعل ذلك لهرون، قال فأمر موسى عليه السلام رؤساء بني إسرائيل أن يجىء كل رجل منهم بعصاه، فجاءوا بها، فألقاها موسى عليه السلام في قبة له، وكان ذلك بأمر الله تعالى، فدعا ربه أن يريهم بيان ذلك، فباتوا يحرسون عصيهم فأصبحت عصا هرون تهتز لها ورق أخضر وكانت من شجر اللوز، فقال موسى : يا قارون أما ترى ما صنع الله لهرون! فقال والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر، فاعتزل قارون ومعه ناس كثير، وولى هرون الحبورة والمذبح والقربان، فكان بنو إسرائيل يأتون بهداياهم إلى هرون فيضعها في المذبح وتنزل النار من السماء فتأكلها، واعتزل قارون بأتباعه وكان كثير المال والتبع من بني إسرائيل، فما كان يأتي موسى عليه السلام ولا يجالسه، وروى أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه