هذا وفي مجمع البيان أن قصة قارون متصلة بقوله تعالى :﴿ نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ موسى ﴾ [ القصص : ٣ ] عليه السلام، وقيل : هي متصلة بقوله سبحانه :﴿ فَمَا أُوتِيتُمْ مّن شَىْء فمتاع الحياة الدنيا وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ وأبقى ﴾ [ القصص : ٦٠ ]، وقيل : لما تقدم خزى الكفاء وافتضاحهم يوم القيامة ذكر تعالى عقيبه أن قارون من جملتهم وأنه يفتضح يوم القيامة كما افتضح في الدنيا، ولما ذكر سبحانه فيما تقدم قول أهل العلم ﴿ ثَوَابُ الله خَيْرٌ ﴾ [ القصص : ٨٠ ] ذكر محل ذلك الثواب بقوله عز وجل :
﴿ تِلْكَ الدار الآخرة ﴾
مشيراً إشارة تعظيم وتفخيم إلى ما نزل لشهرته منزلة المحسوس المشاهد كأنه قيل : تلك التي سمعت خبرها وبلغك وصفها، و﴿ الدار ﴾ صفة لاسم الإشارة الواقع مبتدأ وهو يوصف بالجامد ولا حاجة إلى تقدير مضاف أي نعيم الدار كما يوهمه كلام البحر، و﴿ الآخرة ﴾ صفة للدار، والمراد بها الجنة وخبر المبتدأ قوله تعالى :﴿ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً وَفِى الأرض ﴾ أي غلبة وتسلطاً ﴿ وَلاَ فَسَاداً ﴾ أي ظلماً وعدواناً على العباد كدأب فرعون وقارون، وليس المصوول مخصوصاً بهما، وفي إعادة ﴿ لا ﴾ إشارة إلى أن كلا من العلو والفساد مقصود بالنفي، وفي تعليق الموعد بترك ءرادتهما لا بترك أنفسهما مزيد تحذير منهما.
وأخرج عبد بن حميد.
وابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قال : العلو في الأرض التكبر وطلب الشرف والمنلزة عند سلاطينها وملوكتها والفساد العمل بالمعاصي وأخذ المال بغير حقه.
وعن الكلبي العلو الاستكبار عن الإيمان والفساد الدعاء إلى عبادة غير الله تعالى، وروي عن مقاتل تفسير العلو بما روي عن الكلبي، وأخرج ابن مردويه.


الصفحة التالية
Icon