قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا وعظ متصل كأنهم قالوا لا تنس أنك تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن ونحو هذا قول الشاعر :[ الطويل ]
نصيبك مما تجمع الدهر كله... رداءان تلوى فيهما وحنوط
وقوله ﴿ وأحسن كما أحسن الله إليك ﴾ أمر بصلة المساكين وذوي الحاجة وباقي الآية بين.
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)
القائل قارون لما وعظه قومه وندبوه إلى اتقاء الله تعالى في المال الذي أعطاه تفضلاً منه عليه أخذته العزة بالإثم فأعجب بنفسه، وقال لهم على جهة الرد عليهم والروغان عما ألزموه فيه ﴿ إنما أوتيته على علم عندي ﴾، ولكلامه هذا وجهان يحتملهما وبكل واحد منهما قالت فرقة المفسرين فقال الجمهور منهم إنه ادعى أن عنده علماً استوجب به أن يكون صاحب ذلك المال وتلك النعمة، ثم اختلفوا في العلم الذي أشار إليه ما هو، فقال بعضهم علم التوراة وحفظها، قالوا وكانت هذه مغالطة ورياء، وقال أبو سليمان الداراني : أراد العلم بالتجارب ووجوه تثمير المال فكأنه قال ﴿ أوتيته ﴾ بإدراكي وبسعيي، وقال ابن المسيب : أراد علم الكيمياء، وقال ابن زيد وغيره : إنما أراد ﴿ أوتيته على علم ﴾ من الله وتخصيص من لدنه قصدني به أي فلا يلزمني فيه شيء مما قلتم، ثم جعل قوله ﴿ عندي ﴾ كما تقول في معتقدي على ما أراه.