وقال بعضهم : هذا من المقلوب، وتقديره : ما إِن العُصْبة لَتَنُوء بمفاتحه، كما يقال : إِنها لَتَنُوء بها عجيزُتها، أي : هي تَنْوء بعجيزتها، وأنشدوا :
فَدَيْتُ بِنَفْسِهِ نَفِسْي ومَالي...
ومَا آلُوكَ إِلاَّ مَا أُطِيقُ
أي : فديت بنفسي وبمالي نفسه، وهذا اختيار أبي عبيدة، والأخفش.
وقد بيَّنَّا معنى العُصْبة في سورة [ يوسف : ٨ ]، و [ في ] المراد بها [ هاهنا ] ستة أقوال.
أحدها : أربعون رجلاً، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني : ما بين الثلاثة إِلى العشرة، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثالث : خمسة عشر، قاله مجاهد.
والرابع : فوق العشرة إِلى الأربعين، قاله قتادة.
والخامس : سبعون رجلاً، قاله أبو صالح.
والسادس : ما بين الخمسة عشر إِلى الأربعين، حكاه الزجاج.
قوله تعالى ﴿ إِذ قال له قومه ﴾ في القائل له قولان.
أحدهما : أنهم المؤمنون من قومه، قاله السدي.
والثاني : أنه قول موسى له، حكاه الماوردي.
قوله تعالى :﴿ لا تَفْرَحْ ﴾ قال ابن قتيبة : المعنى : لا تأشَرْ، ولا تَبطَرْ، قال الشاعر :
ولستُ بِمِفْراحٍ إِذا الدَّهرُ سَرَّني...
ولا جازعٍ من صَرْفهِ المُتَحَوِّلِ
أي : لستُ بأَشِرٍ، فأمَّا السرورُ، فليس بمكروه.
﴿ إِنَّ الله لا يُحِبُّ الفَرِحِين ﴾ وقرأ أبو رجاء، وأبو حيوة، وعاصم الجحدري، وابن أبي عبلة :﴿ الفَارِحِين ﴾ [ بألف ].
قوله تعالى :﴿ وابْتَغِ فيما آتاكَ اللّهُ ﴾ أي : اطلب فيما أعطاكَ اللّهُ من الأموال.
وقرأ أبو المتوكل، وابن السميفع :﴿ واتَّبِعْ ﴾ بتشديد التاء وكسر الباء بعدها وعين ساكنة غير معجمة ﴿ الدارَ الآخرةَ ﴾ وهي : الجنة ؛ وذلك يكون بانفاقه في رضى الله تعالى وشُكر المُنْعِم به ﴿ ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِن الدُّنيا ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أن يعمل في الدنيا للآخرة، قاله ابن عباس، ومجاهد، والجمهور.