﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطور إِذْ نَادَيْنَا ولكن رَّحْمَةً مّن رَّبِكَ﴾ [ القصص : ٤٦ ] خصصك به، ثم إنه كلفه بأمور أحدها : كلفه بأن لا يكون مظاهراً للكفار فقال :﴿فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً للكافرين﴾ وثانيها : أن قال :﴿وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ ءايات الله بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ﴾ الميل إلى المشركين، قال الضحاك وذلك حين دعوه إلى دين آبائه ليزوجوه ويقاسموه شطراً من مالهم، أي لا تلتفت إلى هؤلاء ولا تركن إلى قولهم فيصدوك عن اتباع آيات الله وثالثها : قوله :﴿وادع إلى رَبّكَ﴾ أي : إلى دين ربك، وأراد التشدد في دعاء الكفار والمشركين، فلذلك قال :﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين﴾ لأن من رضي بطريقتهم أو مال إليهم كان منهم ورابعها : قوله :﴿وَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إلها ءاخَرَ﴾ وهذا وإن كان واجباً على الكل إلا أنه تعالى خاطبه به خصوصاً لأجل التعظيم، فإن قيل الرسول كان معلوماً منه أن لا يفعل شيئاً من ذلك ألبتة فما فائدة هذا النهي ؟ قلنا لعل الخطاب معه ولكن المراد غيره، ويجوز أن يكون المعنى لا تعتمد على غير الله ولا تتخذ غيره وكيلاً في أمورك، فإن من وثق بغير الله تعالى فكأنه لم يكمل طريقه في التوحيد، ثم بين أنه لا إله إلا هو، أي لا نافع ولا ضار ولا معطي ولا مانع إلا هو، كقوله :
﴿رَّبُّ المشرق والمغرب لاَ إله إِلاَّ هُوَ فاتخذه وَكِيلاً﴾ [ المزمل : ٩ ] فلا يجوز اتخاذ إله سواء، ثم قال :﴿كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية