بقيت متفرقة أو مجتمعة، وسواء بقيت موجودة أو صارت معدومة.
وإذا تعذر حمل الهلاك على هذا الوجه وجب حمله على الفناء.
أجاب من حمل الهلاك على التفرق قال : هلاك الشيء خروجه عن المنفعة التي يكون الشيء مطلوباً لأجلها، فإذا مات الإنسان قيل هلك لأن الصفة المطلوبة منه حياته وعقله، وإذا تمزق الثوب قيل هلك، لأن المقصود منه صلاحيته للبس، فإذا تفرقت أجزاء العالم خرجت السموات والكواكب والجبال والبحار عن صفاتها التي لأجلها كانت منتفعاً بها انتفاعاً خاصاً، فلا جرم صح إطلاق اسم الهالك عليها فأما صحة الاستدلال بها على الصانع سبحانه فهذه المنفعة ليست منفعة خاصة بالشمس من حيث هي شمس والقمر من حيث هو قمر، فلم يلزم من بقائها أن لا يطلق عليها اسم الهالك ثم احتجوا على بقاء أجزاء العالم بقوله :
﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض﴾ [ إبراهيم : ٤٨ ] وهذا صريح بأن تلك الأجزاء باقية إلا أنها صارت متصفة بصفة أخرى فهذا ما في هذا الموضع.
المسألة الثانية :
احتج أهل التوحيد بهذه الآية على أن الله تعالى شيء، قالوا لأنه استثنى من قوله :﴿كُلّ شَىْء﴾ استثناء يخرج ما لولاه لوجب أو لصح دخوله تحت اللفظ، فوجب كونه شيئاً يؤكده ما ذكرناه في سورة الأنعام، وهو قوله :﴿قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شهادة قُلِ الله﴾ [ الأنعام : ١٩ ] واحتجاجهم على أنه ليس بشيء بقوله :﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ [ الشورى : ١١ ] والكاف معناه المثل فتقدير الآية ليس مثل مثله شيء ومثل مثل الله هو الله فوجب أن لا يكون الله شيئاً، جوابه : أن الكاف صلة زائدة.
المسألة الثالثة :