بهم الأذى ويهينوهم أنزل اللّه قوله عز قوله "وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا" لضعفها ووهنها، أو لا تقدر على ادخاره ليوم حاجتها، أو لتوكلها على خالقها، فتصبح وتمسي ولا شيء عندها "اللَّهُ يَرْزُقُها" من فضله، ويسوقها إلى ما قدر لها، أو يسوق الرزق إليها بأن يسخّر من يقدمه لها دون طلب أو كلفة.
قال صلّى اللّه عليه وسلم : لو توكلتم على اللّه حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا.
ورحم اللّه القائل :
وأرزاق لنا متفرقات فمن لم تأته منها أتاها
"وَإِيَّاكُمْ" يرزق، لأنكم أفضل من كثير من الطير والدواب والحيتان و الحشرات، فإذا كانت مع ضعفها وعدم معرفتها يرزقها اللّه لتوكلها عليه وتفويض أمرها إليه، فإنكم مع قوتكم واجتهادكم وفضلكم فإنه يرزقكم من باب أولى إذا توكلتم عليه.
قالوا لا يدخر إلا الإنسان والنملة والفأرة والعقق، وعند البعض البلبل، وقال آخر كل كوامن الطيور تدخر.
هذا، وإذا كان الرزق من اللّه، وجعل لكل سببا لتناوله وأمر بالسعي إليه، والمسبب له هو وحده، فلا تخافوا أيها المؤمنون على معاشكم حال هجرتكم، ولا تأسفوا على ما تتركونه في مكة، فإن اللّه يخلفه لكم.


الصفحة التالية
Icon