قال تعالى "وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا" من أهل مكة "لِلَّذِينَ آمَنُوا" بمحمد "اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ" أي إذا كان الصارف لكم عنا خوفكم عقاب اللّه الذي يهددكم به محمد فارجعوا عن دينه إلى دينكم ونحن نتحمل عنكم ما يهددكم به، فأكذبهم اللّه بقوله "وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ ءٍ" هذا نفي مؤكد بالباء الواقعة في خبر ما التي هي بمعنى ليس جيء بها لتاكيد نفي الاستمرار وبمن الداخلة على شيء لتأكيد الاستغراق ثم قرر ذلك بقوله "إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ" ١٢ بأنّ المقيدة للتحقيق والتأكيد واللام الموكدة لها، ونظير هذه الآية في المعنى الآية ٢٥ من سورة النحل المارة، كما أن نظير الآيتين ١٠/ ١١ المارتين الآية ١٦٦ فما بعدها من سورة آل عمران في ج ٣، قال تعالى "وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ" أوزارهم الباهظة "وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ" أيضا، لأن هؤلاء المضلين عليهم عقابان، عقابا لافترافهم الكفر، وعقابا لحمل غيرهم عليه، راجع الآية ٢٥ من سورة النحل المارة "وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ" سؤال توبيخ وتبكيت "عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ" ١٣ من الأكاذيب والأباطيل ويغرون غيرهم بها كقولهم هذا، روى مسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال : من سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن
ينقص من أوزارهم شيء.
والسنة السيئة هي المبتدعة التي لم يرد عن النهي عنها حديث صحيح، كما أن السنة الحسنة الواردة في الحديث الآخر الذي ذكرناه في آية النحل المذكورة هي غير التي منها حضرة الرسول، وتنطبق على هذين الحديثين البدع، فما كان منها سيئا دخل في السنة السيئة، وما كان منها حسنا دخل في السنة الحسنة.