قال تعالى "فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ" فقط بعد ظهور المعجزة العظيمة في النار، وإلا فهو مؤمن من قبل لأن الأنبياء يولدون مؤمنين فلا يتصور فيهم غير الإيمان من بدايتهم حتى نهايتهم "وَقالَ" ابراهيم بعد ذلك كله وقد أيس من إيمان قومه "إِنِّي مُهاجِرٌ" من هذه البلدة "إِلى " حيث أمرني "رَبِّي" لعدم قدرتي على إقامة الدين بين هؤلاء الكفرة، ولم أجد من ينصرني عليهم لتنفيذ أوامر ربي عز وجل.
مطلب تعويض الهجرة لسيدنا محمد وهجرة ابراهيم وإسماعيل ولوط عليهم الصلاة والسلام وسببها
وهو أول من سنّ الهجرة من دار الكفر صيانة لدينه، وآخرهم حفيده
محمد صلّى اللّه عليه وسلم الذي عرض اللّه تعالى له هجرة جده إيذانا بهجرته من مكة "إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ" الغالب على أمره "الْحَكِيمُ" ٢٦ الذي لا يأمر إلا بما يكون فيه المصلحة ولا يرد هنا مسألة الأصلح لأن الأمر غير الإرادة والاختيار غير الوجوب، تأمل، وراجع ان شئت الآية ١٤٩ من الأنعام المارة وما ترشدك اليه.
قال تعالى "وَوَهَبْنا لَهُ" بعد الهجرة "إِسْحاقَ" من زوجته سارة بنت عمه وكان وهب له قبله إسماعيل من جاريته هاجر "وَ" وهبنا لإسحق "يَعْقُوبَ" في حياته "وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ" أي ابراهيم ولم يصرح باسمه لشهوته وعلو قدره "النُّبُوَّةَ" إذ لم يرسل اللّه نبيا من بعده إلا من ذريته "وَالْكِتابَ" جنسه المشتمل على التوراة والإنجيل والزبور والقرآن إذ أنزلت كلها على ذريته، ولم ينزل بعدها شيء أبدا "وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ" وهو دوام الثناء عليه ومحبته من جميع الأمم على اختلاف مللها ونحلها "فِي الدُّنْيا" فلا تجد أحدا إلا ويثني عليه، وبسبب بقاء ذريته يستمر ذكره الحسن إلى آخر الدوران "وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" ٢٧ للقاء اللّه عز وجل، فقد جمع اللّه له خير الدارين، وهو أحق من يكرم بذلك.