وعلى هذه القراءة لا يرد ما أورده مدعي النسخ البتة "وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا" من القرآن "وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ" وآمنا بما أنزل إليكم من التوراة والإنجيل والزبور من قبل اللّه لا التي بأيديكم كلها، لأنكم حرّفتم وبدلتم بعضها قصدا، وبعضها قد غيرت معناها الترجمة، وهذا القول نوع من المجادلة بالأحسن، أخرج البخاري والنسائي وغيرهما عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرءون كتبهم بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا (آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) الآية ١٣٦ من البقرة ج ٣، زاد في رواية : فإن كان باطلا لم تصدقوهم، وإن كان حقا لم تكذبوهم، ولأن التصديق والتكذيب ليسا نقيضين، إذ يجوز ارتفاعهما بالشك.
وليعلم أن هذا الحديث الشريف صدر من النبي صلّى اللّه عليه وسلم بعد نزول هذه الآية لا مقارنا لها، لأنها نزلت بمكة، وهذا القول بالمدينة، وقدمنا في الآية ١٧ من سورة السجدة المارة أن الأحاديث قد تذكر لمناسبة بعض الآيات سواء كان بعد نزولها أو قبله، مما يدل على معناها، وقولوا لهم أيضا "وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ"


الصفحة التالية
Icon