آية أتى بها الوسل، ولهذا يقول اللّه "لَرَحْمَةً" عظمى "وَذِكْرى " بالغة وعظة باهرة "لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" ٥١ باللّه الذي أرسلك إليهم وبكتابه الذي أنزله عليك إليهم تغنيهم عن كل آية، أما المعنتون فلو أتيتهم بكل آية لا يتعظون ولا يؤمنون ولا يتذكرون، راجع الآية ١١٥ من سورة البقرة في ج ٣ تجد ما يتعلق بهذا إن شاء اللّه.
أخرج أبو داود في مراسيله وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن يحيى بن جعدة قال : جاء أناس من المسلمين بكتف قد كتبوا فيها ما سمعوه من اليهود، فقال صلّى اللّه عليه وسلم كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به غيره إلى غيرهم، فنزلت هذه الآية.
وهذا يتجه إذا كانت الحادثة بمكة، أما في المدينة فلا تكون سببا للنزول، لأن الآية مكية، وإنما على سبيل تلاوة ما نزل قبل والاستشهاد به عند وقوع الحادثة المتأخرة فجائز، وهو طريق ضعيف مشى عليه بعض المفسرين، والحق هنا عدم جوازه، ولأن هذه الآية نزلت جوابا لقولهم (لو لا أنزل عليه آية من ربه) فجعل ذلك أي الذي ذكر في الخبر المار ذكره سببا للنزول بغير محله، وهو خروج على الظاهر الواقع، وفي هذه الآية والحديث إشارة إلى منع تتبع الكتب القديمة لغير متبحر في القرآن العظيم، فقد أخرج ابن عساكر عن أبي ملكية قال : أهدى عبد اللّه بن عامر بن بركن إلى عائشة هدية فظنت أنه عبد اللّه بن عمرو فردتها وقالت يتتبع الكتب القديمة وقد قال اللّه تعالى (أَ وَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) الآية، فقيل إنه عبد اللّه بن عامر فقبلتها.