فصل
قال الفخر :
﴿مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله فَإِنَّ أَجَلَ الله لآتٍ وَهُوَ السميع العليم ﴾.
لما بين بقوله : أحسب الناس أن العبد لا يترك في الدنيا سدى، وبين في قوله :﴿أَمْ حَسِبَ الذين يَعْمَلُونَ السيئات﴾ أن من ترك ما كلف به يعذب كذا بين أن يعترف بالآخرة ويعمل لها لا يضيع عمله ولا يخيب أمله، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
أنا ذكرنا في مواضع أن الأصول الثلاثة وهي الأول وهو الله تعالى ووحدانيته والأصل الآخر وهو اليوم الآخر والأصل المتوسط وهو النبي المرسل من الأول الموصل إلا الآخر لا يكاد ينفصل في الذكر الإلهي بعضها عن بعض، فقوله :﴿أَحَسِبَ الناس أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءامَنَّا﴾ [ العنكبوت : ٢ ] فيه إشارة إلى الأصل الأول يعني أظنوا أنه يكفي الأصل الأول وقوله ﴿وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ [ العنكبوت : ٢، ٣ ] يعني بإرسال الرسل وإيضاح السبل فيه إشارة إلى الأصل الثاني وقوله :﴿أَمْ حَسِبَ الذين يَعْمَلُونَ السيئات﴾ مع قوله :﴿مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله﴾ فيه إشارة إلى الأصل الثالث وهو الآخر.
المسألة الثانية :
ذكر بعض المفسرين في تفسير لقاء الله أنه الرؤية وهو ضعيف فإن اللقاء والملاقاة بمعنى وهو في اللغة بمعنى الوصول حتى أن جمادين إذا تواصلا فقد لاقى أحدهما الآخر.
المسألة الثالثة :
قال بعض المفسرين المراد من الرجاء الخوف والمعنى من قوله :﴿مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله﴾ من كان يخاف الله وهو أيضاً ضعيف، فإن المشهور في الرجاء هو توقع الخير لا غير ولأنا أجمعنا على أن الرجاء ورد بهذا المعنى يقال أرجو فضل الله ولا يفهم منه أخاف فضل الله، وإذا كان وارداً لهذا لا يكون لغيره دفعاً للاشتراك.
المسألة الرابعة :