ما الفائدة في إعادة ﴿الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ مرة أخرى ؟ نقول : الله تعالى ذكر من المكلفين قسمين مهتدياً وضالاً بقوله :﴿فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين﴾ [ العنكبوت : ٣ ] وذكر حال الضال مجملاً وحال المهتدي مفصلاً بقوله :﴿والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ﴾ ولما تمم ذلك ذكر قسمين آخرين هادياً ومضلاً فقوله :﴿وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً﴾ [ العنكبوت : ٨ ] يقتضي أن يهتدي بهما وقوله :﴿وَإِن جاهداك لِتُشْرِكَ﴾ بيان إضلالهما وقوله :﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِئُكُم﴾ بطريق الإجمال تهديد المضل وقوله :﴿والذين ءامَنُواْ﴾ على سبيل التفصيل وعد الهادي فذكر ﴿الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ مرة لبيان حال المهتدي، ومرة أخرى لبيان حال الهادي والذي يدل عليه هو أنه قال أولاً :﴿لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ﴾، وقال ثانياً :﴿لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الصالحين﴾ والصالحون هم الهداة لأنه مرتبة الأنبياء ولهذا قال كثير من الأنبياء ﴿وَأَلْحِقْنِى بالصالحين﴾ [ يوسف : ١٠١ ].
المسألة الثانية :
قد ذكرنا أن الصالح باق والصالحون باقون وبقاؤهم ليس بأنفسهم بل بأعمالهم الباقية فأعمالهم باقية والمعمول له وهو وجه الله باق، والعاملون باقون ببقاء أعمالهم وهذا على خلاف الأمور الدنيوية، فإن في الدنيا بقاء الفعل بالفاعل وفي الآخرة بقاء الفاعل بالفعل.
المسألة الثالثة :
قيل في معنى قوله :﴿لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الصالحين﴾ لندخلنهم في مقام الصالحين أو في دار الصالحين والأولى أن يقال لا حاجة إلى الإضمار بل يدخلهم في الصالحين أي يجعلهم منهم ويدخلهم في عدادهم كما يقال الفقيه داخل في العلماء.
المسألة الرابعة :