في ليقولن قراءتان إحداهما : الفتح حملاً على قوله :﴿مَن يِقُولُ ءامَنَّا﴾ يعني من يقول آمنا إذا أوذي يترك ذلك القول، وإذا جاء النصر يقول إنا كنا معكم وثانيتهما : الضم على الجمع إسناداً للقول إلى الجميع الذين دل عليهم المفهوم فإن المنافقين كانوا جماعة، ثم بين الله تعالى أنهم أرادوا التلبيس ولا يصح ذلك لهم لأن التلبيس إنما يكون عندما يخالف القول القلب، فالسامع يبني الأمر على قوله ولا يدري ما في قلبه فيلتبس الأمر عليه وأما الله تعالى فهو عليم بذات الصدور، وهو أعلم بما في صدر الإنسان من الإنسان فلا يلتبس عليه الأمر، وهذا إشارة إلى أن الاعتبار بما في القلب، فالمنافق الذي يظهر الإيمان ويضمر الكفر كافر، والمؤمن المكره الذي يظهر الكفر ويضمر الإيمان مؤمن، والله أعلم بما في صدور العالمين، ولما بين أنه أعلم بما في قلوب العالمين، بين أنه يعلم المؤمن المحق وإن لم يتكلم، والمنافق وإن تكلم فقال :﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين ءامَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ المنافقين﴾ وقد سبق تفسيره، لكن فيه مسألة واحدة وهي أن الله قال هناك :﴿فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ﴾ وقال ههنا :﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين ءامَنُواْ﴾ فنقول لما كان الذكر هناك للمؤمن والكافر، والكافر في قوله كاذب، فإنه يقول : الله أكثر من واحد، والمؤمن في قوله صادق فإنه كان يقول الله واحد، ولم يكن هناك ذكر من يضمر خلاف ما يظهر، فكان الحاصل هناك قسمين صادقاً وكاذباً وكان ههنا المنافق صادقاً في قوله فإنه كان يقول الله واحد، فاعتبر أمر القلب في المنافق فقال :﴿وَلَيَعْلَمَنَّ المنافقين﴾ واعتبر أمر القلب في المؤمن وهو التصديق فقال :﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين ءامَنُواْ ﴾.