الفائدة الثانية : هي لبيان أن نوحاً صبر على أذى قومه صبراً كثيراً وأعلى مراتب العدد ألف سنة.
وكان المراد التكثير فلذلك أتى بعقد الألف لأنه أعظم وأفخم هذه تسلية للنبي ( ﷺ ) حيث أعلم أن الأنبياء قد ابتلوا قبله وأن نوحاً لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم فصبر في الدعاء ولم يؤمن من قومه إلا قليل فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك وكثرة من آمن بك.
قال ابن عباس : بعث نوح لأربعين سنة وبقي في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس فكان عمره ألفاً وخمسين عاماً.
وقيل في عمره غير ذلك.
قوله تعالى ﴿ فأخذهم الطوفان ﴾ أي فأغرقهم ﴿ وهم ظالمون ﴾ قال ابن عباس مشركون ﴿ فأنجيناهم وأصحاب السفينة ﴾ يعني من الغرق ﴿ وجعلناهم ﴾ يعني السفينة ﴿ آية ﴾ أي عبرة ﴿ للعالمين ﴾ قيل إنها بقيت على الجودي مدة مديدة وقيل جعلنا عقوبتهم بالغرق عبرة.
قوله تعالى ﴿ وإبراهيم ﴾ أي وأرسلنا إبراهيم ﴿ إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ﴾ أي أطيعوا الله وخافوه ﴿ ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ﴾ أي ما هو خير لكم مما هو شر لكم ولكنكم لا تعلمون ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً ﴾ أي تقولون كذباً وقيل تصنعون أصناماً بأيديكم وتسمونها آلهة ﴿ إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً ﴾ أي لا يقدرون أن يرزقوكم ﴿ فابتغوا ﴾ أي فاطلبوا ﴿ عند الله الرزق ﴾ فإنه القادر على ذلك ﴿ واعبدوه ﴾ أي وحدوه ﴿ واشكروا له ﴾ لأنه المنعم عليكم الرزق ﴿ إليه ترجعون ﴾ أي في الآخرة ﴿ وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ﴾ أي مثل قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم فأهلكهم الله ﴿ وما على الرسول إلا البلاغ المبين ﴾.


الصفحة التالية
Icon