قال هناك ﴿مَالَكُمْ مّن دُونِ الله مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ وما ذكر الولي ههنا فنقول : قد بينا أن المراد بالولي الشفيع يعني ليس لكم شافع ولا نصير دافع، وههنا لما كان الخطاب دخل فيه الأوثان أي ما لكم كلكم لم يقل شفيع لأنهم كانوا معترفين أن كلهم ليس لهم شافع لأنهم كانوا يدعون أن آلهتهم شفعاء، كما قال تعالى عنهم :﴿هَؤُلاء شفعاؤنا﴾ [ يونس : ١٨ ] والشفيع لا يكون له شفيع، فما نفى عنهم الشفيع لعدم الحاجة إلى نفيه لاعترافهم به، وأما هناك فكان الكلام معهم وهم كانوا يدعون أن لأنفسهم شفعاء فنفى.
المسألة الثالثة :
قال هناك ﴿مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ الله﴾ فذكر على معنى الاستثناء فيفهم أن لهم ناصراً وولياً هو الله وليس لهم غيره ولي وناصر وقال ههنا ﴿مَا لَكُم مّنْ ناصرين﴾ من غير استثناء فنقول كان ذلك وارداً على أنهم في الدنيا فقال لهم في الدنيا، لا تظنوا أنكم تعجزون الله فما لكم أحد ينصركم، بل الله تعالى ينصركم إن تبتم، فهو ناصر معد لكم متى أردتم استنصرتموه بالتوبة وهذا يوم القيامة كما قال تعالى :﴿ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ﴾ وعدم الناصر عام لأن التوبة في ذلك اليوم لا تقبل فسواء تابوا أو لم يتوبوا لا ينصرهم الله ولا ناصر لهم غيره فلا ناصر لهم مطلقاً.
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦)
يعني لما رأى لوط معجزته آمن ﴿وقال﴾ إبراهيم ﴿إِنّى مُهَاجِرٌ إلى رَبّى﴾ أي إلى حيث أمرني بالتوجه إليه ﴿إِنَّهُ هُوَ العزيز الحكيم﴾ عزيز يمنع أعدائي عن إيذائي بعزته، وحكيم لا يأمرني إلا بما يوافق لكمال حكمته، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :