وقرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائي في رواية المفضل " مودةُ " بترك التنوين والرفع " بينِكم " بالخفض، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو في رواية أبي زيد " مودةً بينَكم " بالتنوين والنصب ونصب " بين "، وقرأ حمزة " مودةَ " بالنصب وترك التنوين والإضافة إلى " بين "، فأما قراءتا الرفع في " مودة " فوجههما أن يكون " ما " بمعنى الذي وفي قوله ﴿ اتخذتم ﴾ ضمير عائد على الذي، وهذا الضمير هو مفعول أول ل ﴿ اتخذتم ﴾، و﴿ أوثاناً ﴾ مفعول ثان، و" مودة " خبر " إن " في قراءة من نونها، وفي قراءة من لم ينونها ويجوز أن تكون " ما " كافة ولا يكون في قوله ﴿ اتخذتم ﴾ ضمير ويكون قوله ﴿ أوثاناً ﴾ مفعولاً لقوله ﴿ اتخذتم ﴾ ثم يقتصر عليه، ويقدر الثاني آلهة أو نحوه، كما يقدر قوله تعالى ﴿ إن الذين اتخذوا العجل ﴾ [ الأعراف : ١٥٢ ] أي إلهاً ﴿ سينالهم غضب ﴾ [ الأعراف : ١٥٢ ]، ويكون قوله " مودةٌ " خبر ابتداء تقديره هو مودة وفي هذه التأويلات مجاز واتساع في تسمية الأوثان " مودة " أو يكون ذلك على حذف مضاف، وأما من نصب مودة فعلى أن " ما " كافة وعلى خلو ﴿ اتخذتم ﴾ من الضمير والاقتصار على المفعول الواحد كما تقدم ويكون نصب " المودة " على المفعول من أجله، ومن أضاف " المودة " إلى " البين " في القراءتين بالنصب والرفع تجوز في ذلك وأجرى الظرف مجرى الأسماء، ومن نصب " بينَكم " في قراءتي الرفع والنصب في " مودة " فكذلك يحتمل أن ينتصب انتصاب الظروف ويكون معلقاً ب " مودة " وكذلك ﴿ في الحياة الدنيا ﴾ ظرف أيضاً متعلق ب " مودة " وهو مصدر عمل في ظرفين من حيث افترقا بالمكان والزمان ولو كانا لواحد منهما لم يجز ذلك، تقول رأيت زيداً أمس في السوق ولا تقول رأيت زيداً أمس البارحة اللهم إلا أن يكون أحد الظرفين جزءاً للآخر، رأيت زيداً أمس عشية، ويجوز أن ينتصب " بينكم " على أنه صفة ل " مودة " فهنا محذوف مقدر