وقال ابن الجوزى :
ثم عاد الكلام إِلى قصة إِبراهيم، وهو قوله :﴿ فما كان جوابَ قومه ﴾
أي : حين دعاهم إِلى الله ونهاهم عن الأصنام ﴿ إِلاَّ أن قالوا اقتُلوه أو حرِّقوه ﴾ وهذا بيان لسفه أحلامهم حين قابلوا احتجاجه عليهم بهذا.
قوله تعالى :﴿ فأنجاه الله ﴾ المعنى : فحرَّقوه فأنجاه الله ﴿ مِنَ النَّار ﴾.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ في ذلك ﴾ يشير إِلى إِنجائه إِبراهيم.
قوله تعالى :﴿ وقال ﴾ يعني إِبراهيم ﴿ إِنَّما اتَّخذتم مِنْ دون الله أوثاناً مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ ﴾ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو :﴿ مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ ﴾ بالرفع والإِضافة.
قال الزجاج :﴿ مَوَدَّةُ ﴾ مرفوعة باضمار "هي"، كأنه قال : تلك مَوَدةُ بينِكم، أي : أُلفتكم واجتماعكم على الأصنام مَوَدَّةُ بينِكم ؛ والمعنى : إِنَّما اتخذتم هذه الأوثان لتتوادُّوا بها في الحياة الدنيا.
ويجوز أن تكون "ما" بمعنى الذي.
وقرأ ابن عباس، وسعيد بن المسيّب، وعكرمة، وابن أبي عبلة :﴿ مَوَدَّةٌ ﴾ بالرفع ﴿ بَيْنَكُمْ ﴾ بالنصب.
وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم :﴿ مَوَدَّةً بَيْنَكم ﴾ قال أبو علي : المعنى : اتَّخذتم الأصنام للمودَّة، و ﴿ بينَكم ﴾ نصب على الظرف، والعامل فيه المودَّة.
وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم :﴿ مَوَدَّةَ بَيْنِكُم ﴾ بنصب ﴿ مَوَدَّةَ ﴾ مع الإِضافة، وهذا على الاتساع في جعل الظرف اسماً لِما أُضيف إِليه.
قال المفسرون : معنى الكلام : إِنَّما اتَّخذتموها لِتَتَّصِلَ المودَّة بينكم واللِّقاء والاجتماع عندها، وأنتم تعلمون أنها لا تضر ولا تنفع، ﴿ ثُمَّ يومَ القيامة يكفُر بعضُكم ببعض ﴾ أي : يتبرَّأ القادة من الأتباع ﴿ ويَلعنُ بعضُكم بعضاً ﴾ يلعن الأتباعُ القادةَ لأنَّهم زيَّنوا لهم الكفر.
قوله تعالى :﴿ فآمن له لوط ﴾
أي : صدَّق بابراهيم ﴿ وقال ﴾ يعني إِبراهيم ﴿ إِنِّي مُهَاجِر إِلى ربِّي ﴾ فيه قولان.
أحدهما : إِلى رضى ربِّي.