وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً ﴾
أي وأرسلنا إلى مدين.
وقد تقدّم ذكرهم وفسادهم في "الأعراف" و"هود" ﴿ وارجوا اليوم آلآخِرَ ﴾ وقال يونس النحوي ؛ أي اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال.
﴿ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ ﴾ أي لا تكفروا فإنه أصل كل فساد.
والعُثُوُّ والعِثيّ أشد الفساد.
عَثِيَ يَعثَى وعَثَا يَعثُو بمعنى واحد.
وقد تقدّم.
وقيل :﴿ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ ﴾ أي صدّقوا به فإن القوم كانوا ينكرونه.
قوله تعالى :﴿ وَعَاداً وَثَمُودَ ﴾ قال الكسائي : قال بعضهم هو راجع إلى أوّل السورة ؛ أي ولقد فتنا الذين من قبلهم وفتنا عاداً وثمودا.
قال : وأحب إليّ أن يكون معطوفاً على ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ﴾ وأخذت عاداً وثموداً.
وزعم الزجاج : أن التقدير وأهلكنا عاداً وثموداً.
وقيل : المعنى واذكر عاداً إذ أرسلنا إليهم هوداً فكذبوه فأهلكناهم، وثموداً أيضاً أرسلنا إليهم صالحاً فكذبوه فأهلكناهم بالصيحة كما أهلكنا عاداً بالريح العقيم.
﴿ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم ﴾ يا معشر الكفار ﴿ مِّن مَّسَاكِنِهِمْ ﴾ بالحِجْر والأحقاف آياتٌ في إهلاكهم فحذف فاعل التبيّن.
﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ ﴾ أي أعمالهم الخسيسة فحسبوها رفيعة.
﴿ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل ﴾ أي عن طريق الحق.
﴿ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ ﴾ فيه قولان : أحدهما وكانوا مستبصرين في الضلالة قاله مجاهد.
والثاني : كانوا مستبصرين قد عرفوا الحق من الباطل بظهور البراهين.
وهذا القول أشبه ؛ لأنه إنما يقال فلان مستبصر إذا عرف الشيء على الحقيقة.
قال الفراء : كانوا عقلاء ذوي بصائر فلم تنفعهم بصائرهم.
وقيل : أتوا ما أتوا وقد تبين لهم أن عاقبتهم العذاب.


الصفحة التالية
Icon