وقال الآلوسى :
﴿ وإلى مَدْيَنَ ﴾
متعلق بأرسلنا مقدر معطوف على ﴿ أرسلنا ﴾ [ العنكبوت : ١٤ ] في قصة نوح أي وأرسلنا إلى مدين ﴿ أخاهم شُعَيْباً فَقَالَ ﴾ لهم ﴿ يا قوم اعبدوا الله ﴾ وحده ﴿ وارجوا اليوم الآخر ﴾ أي توقعوه وما سيقع فيه من فنون الأهوال وافعلوا اليوم من الأعمال ما تأمنون به غائلته، أو الأمر بالرجاء أمر بفعل ما يترتب عليه الرجاء إقامة للمسبب مقام السبب، وفي الكلام مضاف مقدر فالمعنى افعلوا ما ترجون به ثواب اليوم الآخر، وجوز أن لا يقدر مضاف، وإرادة الثواب من إطلاق الزمان على ما فيه، وقيل : الأمر برجاء الثواب أمر بسببه اقتضاء بلا تجوز فيه بعلاقة السببية.
وقال أبو عبيدة : الرجاء هنا بمعنى الخوف والمعنى وخافوا جزاء اليوم الآخر من انتقام الله تعالى منكم إن لم تعبدون ﴿ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرض مُفْسِدِينَ ﴾ حال مؤكدة لأن العثو الفساد ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ فيما تضمنه كلامه من أنهم إن لم يمتثلوا أمره ونهيه وقع بهم العذاب وإليه ذهب أبو حيان، وقيل : من أنه تعالى مستحق لأن يعبد وحده سبحانه وأن اليوم الآخر متحقق الوقوع أو نحو ذلك.
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ ﴾ بسبب تكذيبهم إياه ﴿ الرجفة ﴾ أي الزلزلة الشديدة وفي سورة هود ﴿ وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾ [ هود : ٩٤ ] أي صيحة جبريل عليه السلام فإنها الموجبة للرجفة بسبب تمويجها للهواء وما يجاورها من الأرض، وفسر مجاهد الرجفة هنا بالصيحة، فقيل : لذلك ؛ وقيل : لأنها رجفت منها القلوب ﴿ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ ﴾ أي بلدهم فإن الدار تطلق على البلد، ولذا قيل : للمدينة دار الهجرة أو المراد مساكنهم وأقيم فيه الواحد مقام الجمع لأمن اللبس لأنهم لا يكونون في دار واحدة، ولعل فيه إشارة إلى أن الرجفة خربت مساكنهم وهدمت ما بينها من الجدران فصارت كمسكن واحد.
﴿ جاثمين ﴾ أي باركين على الركب، والمراد ميتين على ما روى عن قتادة.